قصائد محمد عفيفي مطر.. أجملها مكتوبة كاملة!

فهرس الصفحة

قصيدة هذا الليل

قصيدة مسامرة الأولاد كي لا يناموا

قصيدة امرأة تلبس الأخضر دائماً

قصيدة ألف قيامة لموت واحد

قصيدة حجر الأجيال

قصيدة نداءات على الجدران

قصيدة حسن وجليلة

قصيدة في المعرفة المرة

محمد عفيفي مطر، هو شاعر مصري من مواليد محافظة المنوفية، درس في كلية الآداب، قسم فلسفة وحاصل على جائزة الدولة التشجيعية في الشعر لعام 1989 من بين جوائز أخرى عديدة، ويعد محمد عفيفي مطر من أبرز شعراء جيل الستينات المصريين، وتنوعت كتاباته ما بين المقالات النقدية وقصص الأطفال والشعر. وفي هذا المقال، نستعرض أجمل قصائد محمد عفيفي مطر مكتوبة كاملة.

قصيدة هذا الليل

هذا الليل يبدأ دهر من الظلمات أم هي ليلة جمعت سواد الكحل والقطران من رهج الفواجع

في الدهور عيناك تحت عصابة عقدت وساخت في عظام الرأس عقدتها وأنت مجندل يا آخر

الأسرى ولست بمفتدى فبلادك انعصفت وسيق هواؤها وترابها سبياً وهذا الليل يبدأ تحت

جفنيك البلاد تكومت كرتين من ملح الصديد الليل يبدأ والشموس شظية البرق الذي يهوى

إلى عينيك من ملكوته العالي فتصرخ، لا تغاث بغير أن ينحل وجهك جيفة تعلو روائحها

فتعرف أن هذا الليل يبدأ لست تحصي من دقائقه سوى عشر استغاثات لفجر ضائع تعلو

بهن الريح جلجلة لدمع الله في الآفاق هذا الليل يبدأ فابتدئ موتا لحلمك وابتدع حلما لموتك

أيها الجسد الصبور الخوف أقسى ما تخاف.. ألم تقل؟ فابدأ مقام الكشف للرهبوت وانخل

من رمادك، وانكشف عنك اصطف الآفاق مما يبدع الرخ الجسور

قصيدة مسامرة الأولاد كي لا يناموا

قُنفذان، أعمى ومبصرٌ، كانا يخرجان كلّ ليلة إلى مراعي العشب وبقع الماء المتخلف من رذاذ المطر

أخوّةً في القرابة وقسمةً للمحنة وكرم الربيع. كان من علامات العدل الجميل أن يصفَ المبصر للأعمى

روعةَ الليل ونقوش السماء بالكواكب والنجوم ونعاسَ القمر الفضيّ بين أغصان الشجر وسجادات الوادي

ومرايا الماء وجواهر الندى. وكان من آيات العرفان الجميل أن يُدندن الأعمى بآهات الدهشة والعجب

وضربات الأقدام بإيقاعات الرقص والفرح. قال الأعمى: هل أصف لك الليل كما أراه؟ إنه السواد الجميل

لصوتك العذب، وإنه الوضوح المدهش الذي يضيء المسافة بين الخطوة والموسيقى. قال المبصر:

حقّاً.. كلّ وصف هو نصف الرؤية، وكل موصوف هو نسيج الكمال بين العمى والبصر

كان هدهدٌ مُنتفشٌ في زركشات ريشه الملوّن وعُرفهِ التّيّاه يرقبُ الدودةَ المختبئة في الطين

قال: أكلمها عساها تأنسُ فتأمَن فتُقتنَص. رفرف إلى الأعالي وهوى كالحصاة الساقطة من السماء

وفي ومضةٍ بسطَ جناحيه وحطّ على أقرب غصن، قال: أيتها الدودة.. ما أجمل الأفق، فهلّا انسلَلتِ

من ظلامِ طيفكِ إلى فضاء الضوء وحرية الهواء في احتفالية المروج؟! قالت: وأنت هلّا تذوّقتَ مرّةً

حرية الحلم الجامع للكمون في الظلمة والانتظار الخلّاق؟! قال: لكِ وقت مقدورٌ بعده لا تكونين، قالت:

ولك قدرٌ موقوتٌ بعده لا تكون. قال: بقاؤكِ في الطين لا يُنجي. قالت: وسياحاتُك في الأعالي ولو بلغْتَ

الشمسَ – لا تحرّركَ. قال: إنْ سقطتُ فسأكون سماداً لشجرةِ وردةٍ تُزهرُ على الدوام. قالت: وأنا سأخرج

بالموت من طَوْرِ العذراءِ فراشةً محوّمةً على مكامن الرحيق. من زمنٍ قديم وأنا أعشقُ الصحراء وأحب

الحياة فيها لبعض الوقت، ربما لأتذوّق صفاء الوحدة والتأمل والاستغراق في إطلاق الأسئلة لنفسي حول

الحياة والإنسان والتاريخ، وربما لأتذوق الرهبة والخوف والاعتماد على النفس والاستغناء عن كل شيء

إلا الكفاف وأقل القوت، حتى أعرف القيمة الكبرى لقطرةِ الماء وكسرة الخبز، وربما لأشاهد المدى المتسع

بلا حدود أو علامات سوى أعشابٍ وأزهارٍ بريّةٍ، وحشرات وطيور نادرة، وكواكب ونجومٍ برّاقة وليلٍ

مجهول وشمسٍ ملتهبةٍ وسرابٍ يتدفّق بوهم الماءِ كالطوفان. في إحدى زياراتي للصحراء قابلني رجلٌ

غريبُ الهيئة والملبس، كأنه جاء من عصور قديمة، رقبته معوجّة كأنّها مكسورة، وكتفاه متهدّلان كأنه

ينوء بحملهما، وسمعته يبكي، ويصيحُ بصوتٍ عالٍ ويحرّك يديه كأنه يخشى السقوط من مكان شديد الارتفاع

حينما رآني وقف متأوّهاً بالدهشة والرعب.. قلت له: هوّن عليك يا سيّدي.. فأنا عابر سبيل لا أبغي شرّاً بأحد

اقترَبَ مني في ريبة، ونطق بكلماتٍ هي خليطٌ مهشّم من لغة أجنبية قديمة ميتة وكلمات غريبة لم يعد يستخدمها

أحد، واستطعت أن أفهم منه أنه يُدعى "سنمار"، وأنه المهندس الرومي الذي بنى قصر "الخوَرنَق" للملك النعمان

بن امرئ القيس منذ ما يزيد على ألفي عام. قلت له: أنت سنمار؟! إنني أعرف حكايتك، بعد أن أصبحتْ مثلاً

وأمثولة يتناقلها الناسُ جيلاً بعد جيل لإبداء الشفقة والعجب، وأعرف حكاية القصر الذي أبدعتَ في تصميمه

وبنائه فأصبح فريداً لا يشبهه قصرٌ في الدنيا، وكان جزاء الإبداع وإتقان العمل أن رمى بك للملك من أعلى

القصر، حتى تموت فلا تبني لأحد قصراً مثله، وسمعتُ أيضاً أنك وضعت في أساس القصر حجراً إذا نزعته

من مكانه انهار القصر كله رُكاماً، فخاف الملك فقتلك. قال سنمار: بعد أن ألقى بي الملكُ وأعوانه من أعلى

القصر، كُسرت رقبتي وتحطّم كتفاي وامتلأ جسدي بالجراح، وظن الجميع أنني متّ، ألقوا بجسدي في

الصحراء، فحملني أعرابي كان يسير بجمله إلى خيمته البعيدة، عالجني وداوى جروحي وجبر كسوري

حتى شفيت، ولما قلت للأعرابي أريد أن أبني لك قصراً أكافئُ به إحسانك إليّ ومداواتك لي، نظر الأعرابي

إليّ كمن ينظر إلى مجنون، وقال وهو يستأنسني ويُغالبُ مخاوفه: ماذا أفعل بالقصر؟! لا الجمل سيرضى به

ولا أنا، وقد يحيط به اللصوص وقطاع الطرق، أو يعرف الملك مكانه فيغتصبه، أو يزاحمني أصحاب

القصور ويفتكون بي، وأخذ ينظر إليّ محاذراً خائفاً، حتى إذا طلع الصباح وقمتُ من النوم لم أجد الأعرابيّ

ولا الجمل ولا الخيمة.. لقد تركني ومضى، ومن يومها وأنا أتجوَّل في الصحراوات باحثا عن قصر الملك

النعمان لأنتزع الحجر السريّ من أساسه فينهار على من فيه، وعن الأعرابيّ لأبني له قصراً

نافذةٌ ضيقةٌ عاليةٌ كأنها منديلٌ صغيرٌ يشفُّ عن زُرقة السماء البعيدة، يُحدّق خلالها الشاعر السجين

في الزنزانة لعله يرى طائرا يرفرف أو ورقةً خضراء تحملها الريح أو غيمةً منسوجةً بالماء والبرق

تحمل الخير والحياة من مكان إلى مكان. يطول به الوقتُ وهو يتذكّر أهله وأصدقاءَه، ويتقلّب ماضيه

البعيدُ والقريبُ أمام أسئلته الغاضبة وذكرياته المتناقضة التي تتجدد وتتحوّل معانيها ويشتدُّ وهجُها

ويرى زرقة السماء عبر منديل النافذة العالية وهي تميلُ شيئاً فشيئاً إلى غُبْشةِ الغروب وقتامة الليل

فلا يكاد يرى إلا أثراً باهتاً لنجومٍ بعيدة قليلة العدد. قال لنفسه: أحصي هذه النجوم، وأترقب الليالي

القادمة لأعرف هل يزداد عددها أم يقل أم يظل ثابتاً. هو لم يعُد يعرف تواريخ الأيام من الأسبوع

أو الشهر. قال لنفسه: كانت مراقبة الإنسان للنجوم والكواكب وقراءة رقعة السماء وتغيراتها هما مفتاح

المعرفة للفلك والزمن وعدد السنين والحساب، فاشغلْ نفسك بقراءة منديل النافذة، كأنك إنسان بدائي

يحاول معرفة الأفلاك وسبْر أغوار الكون. فاجأهُ منديل الفضاء ذات غروب بما يشبه قلامة الظفر

من فضة مشوبة باخضرار خفيف وصفرة لامعة، قلامة يكاد طرفاها يتماسّان برشاقة وعذوبة

وتكاد رهافتُها تُكمل دائرةً وهميّةً من الضوء. إنه الهلال الوليد البازغ، وعلى مقربة منه نجمةٌ أخذت

تلتمع ببريقها الوهّاج. أحس الشاعر السجين أن زنزانته اتسعت، وأخذ يتذكر علاقته وعلاقة قريته

البعيدة بالأهلّة وأطوار القمر، منذ إطلالته هكذا كقلامة الظفر ثم امتلاء قوسه المرهف شيئاً فشيئاً

حتى يكتملَ ليصبحَ بدرَ التمام في استدارته الكاملة، ليعود مرّة أخرى إلى التناقص حتى المحاق

والذوبان الكامل في الظلام. تذكّر المواسم والاحتفاليات والحكايات والخرافات المرتبطة بالقمر

بين مولد ومحاق وكسوف، وعلاقة كل ذلك بالحياة في القرية. وبقصائد الشعراء والمغنين ولوحات

الرسامين في مختلف الأمم والشعوب والحضارات. هزّ الشاعر السجين رأسه، وقال لنفسه: حقّاً

بالعقل والخيال والتذكّر يخترق الإنسان حدود المكان والزمان فيتجوّل حرّاً في فضاء الكون وتقلُّبات الأزمنة

لم أعُد أذكر أين أو متى قرأت أن شاعراً طاعناً في السنّ تلقى رسالة مع مبعوث من الإمبراطور يسأله

فيها أن يتفضّل معزّزاً مكرّماً بزيارته في قصره بالعاصمة البعيدة، ليسعد برؤيته وليقدم له آيات التبجيل

والاحترام التي يستحقها الشاعر عن جدارة، وليعترف له بأن إمبراطوريته شديدة الفخر والزهو بأن يكون

من بين شعبها النبيل شاعرٌ في عظمته وسموّه. صرف الشاعر العجوزُ مبعوثَ الإمبراطور بأدب ورقة

قائلاً له إنه سيكون سعيداً بأن يبدأ السفر إلى العاصمة ليَشرُفَ بلقاء الإمبراطور بعد موسم الشتاء برياحه

وثلوجه ولياليه المظلمة الطويلة، فقد وهنت عظامه واشتدّ عليه الكبر والضعف. أخذ الشاعر العجوز يتذكّر

عدد المرات التي دُعي فيها لزيارة قصور حكام المقاطعات المختلفة في طول البلاد وعرضها، وألوان

الإغراءات والتهديدات التي سمعها في هذه القصور ليكون حليفاً أو بوقَ دعايةٍ لهذا الحاكم ضدّ ذاك

وليناصر واحداً ضد آخر في مسلسل الحروب الأهلية المدمّر بين حكام المقاطعات.. بينما يقبع الإمبراطور

في قصره الشامخ في العاصمة البعيدة، مكتفياً بما يدفعه حكام المقاطعات من أموال وعبيد وإماء وهدايا

وما يتزلّفُ به حاكم كلّ مقاطعة من أساليب النفاق والولاء الكاذب، وما يسرقونه من أخبار ملفّقة ضد

الحكام الآخرين. وتذكّر الشاعر العجوز أيضاً مئات القصائد التي كتبها طول عمره وهو يستصرخ

الحكّام والإمبراطور لمواجهة المظالم وبؤس الرعية واجتياح المجاعات والأوبئة، ومئات القصائد

التي يصف فيها البلاد ويعلّم الشعب حب الطبيعة والخير وحرية المواطن والوطن، وكم سافر آلاف

الأميال ليكون واسطة خير وسفير وحدةٍ وتضامن بين الإخوة المتقاتلين من أبناء الوطن وحكام المقاطعات

دعا الشاعرُ العجوزُ تلميذَه الأمين الذي يلازمه ويرعى شؤونه أن يشعل المصباح ويوقد المجمرة ويُهيئ

الأقلام والأحبار والورق. قال الشاعر العجوز لنفسه: ماذا لو كتبتُ رسالةً وقصيدةً أُرسلهما للإمبراطور

تنوبان عني في الحديث إليه! إنّ شتاء هذا العام قارسُ البرد وأشعر بوهن عظامي وضعفي الشديد، ربما

لا أظلُّ حيّاً حتى أقابل الإمبراطور. أخذ الشاعر العجوز يستجمع شتات نفسه وشوارد أفكاره ليعيد ترتيبها

وتنظيمها على مهلٍ واستغراقٍ في التأمل، وحين سرحت عيناه إلى ركن الغرفة، شدّ انتباهه نسيجٌ متينٌ

مُحكمٌ لعنكبوتٍ كبير الحجم، والعنكبوت في جانب يترقب بصبر وتكتُّم وعيون دقيقة شديدة الالتماع

ثم رأى ذبابةً تطنُّ وتحوِّمُ حول النسيج صعوداً وهبوطاً، دوراناً منتظماً وغير منتظم، حتى لامستْ

خيوطَ النسيج بجناحيْها فالتصقت بها لا تستطيع الفكاك والحراك، بل كانت كلما تحركت وحاولتْ

الخلاصَ ازدادَ التصاقُها والتفافُ النسيج حولها، فتقدّم منها العنكبوتُ بهدوءٍ واطمئنان باردٍ، ليمتصّ

دماءَها ببطء قاسٍ متمكّنٍ. غمغم الشاعر العجوز وهو يرى هذه الملحمة الصغيرة: هكذا إذن، هكذا إذن

قال التلميذُ الأمينُ: أيحتاج أستاذي شيئاً؟! قال الشاعر العجوز: أنا؟ .. كلا يا بني.. ولكن.. خذ الأوراق

والأقلام والأحبار بعيداً، وأطفئ المصباح وغطِّ الجمرَ بالرّماد.. فقد حلَّ موعد نومي.. قلت للرجل الذي

يُضرَبُ به المثلُ على شدّة الشّره والطمع وحُمقِ التعجُّل في تحقيق الثراء المفاجئ: لماذا – حقا – ذبحت

الدجاجة التي كانت تبيض لك كل يوم بيضةً من الذهب؟! لقد كانت تكافئ جهدك في إطعام الدجاجة

ورعايتها، فلك منها كفايةُ الحاجة، وزيادةٌ تفيض فتصبح لك مع الأيام ثروة، فلا أنت تكفُّ عن العمل

ولا الأملُ في الثراء ينقطع، فأصبحت مثلاً يُضرَبُ وحكايةً تُروى: قال الرجل: وهل كنتُ أجهلُ

ما ذكرتَ من قول؟ قلت: فلمَ إذن؟! قال: لقد وجدتُ أن أملي في الثراء قد أصبح بين يديّ، وانتظرتُ

أن يملأ قلبي ثراءٌ في الأمل، فلم أجدْ حُلماً بثراءِ الآخرين من حولي، ولا أملاً يربطني بمن سيجيئون

من أجيال الناس بعدي، وأخذ يطاردني في كل مكان بيتٌ من الشعر يقول: فلا نزلتْ عليّ ولا بأرضي

سحائبُ ليس تنتظمُ البلادا فأحسست بوحشية العزلة تأكلني وتلتهم دوافع الحياة في نفسي، فذبحتها هرباً

من أمل الثراء إلى ثراء الأمل. أعرف أنني لم أدّخر جهداً ولا جهاداً، فبذلتُ من طاقتي وقوتي كلّ ما أستطيع

حتى تكون مائدتي حافلةً لك أيها الضيف – بأطيب ثمراتِ العمر. وعلى قدرِ خيالِك ستكشفُ وتعرفُ، وعلى

قدرِ كرمك ستأخذ، وعلى قدر دفئكَ ستستريحُ في بيتي الذي لم يعُد لي بل هو لك، كلّ ما أرجوه منك أيّها الضيف

أن تهيئ البيت للوليمة التي ستعدُّها لضيفٍ آخر سوف يؤنسُك بالزيارة

قصيدة امرأة تلبس الأخضر دائماً

قصيدة امرأة تلبس الأخضر دائماً ورجل يلبس الأخضر أحيانا من أجمل قصائد محمد عفيفي مطر وتقول:

"ولقد نرى تقلب وجهك في السماء" غيمة من رقع الماء الفضاء الدخنة الباهتة التفت علي مغزل شمس

ورياح ورمادي نسيج فككت عروته حدوة طير ليس ينقض ولا يعلو، اهتراءات رقيقات تبعثرن وفي

هدابهن اشتبك الشوك المضيء القنفذ الساطع يرعى، عنكبوت ذهب يقطر منه الأرجوان الليل في آخرة

السهل عصافير ينفضن عن الريش بقايا القطر أضغاث النباتات هباء الذر والغبشة ويسلمن المناقير

إلى دفء الجناحين النهار التم في أعضائه وتصاعدت شيبته من تحت حناء الذري، الصخرة تأوى

للنعاس الرطب والهوة تثائب والقرية جرو مرح لاذ به النوم البعيد رجل وامرأة تفتح في عروة ثوبيها

الشفيفين بخورا ولبانا زاكيا، تفتح في الطوق هلالا خفق نهدين، حفيف المخمل الناعم والمرأة تمشي

خضرة معتمة في هودج الليل ويمشي الرجل النائم يقظان، يدان انفتحت بينهما عشر عيون يتواشجن

مياها وارتعاشا ودما تصهل فيه الخضرة الدافئة القمح ربا للركبتين، اخضرت الطينة، أوراق الشفاه

تصاعدت عليقة عطشي، اقتراب، قبلة توشك، عقد الكهرمان اساقطت حباته وانتثرت تومض ما بين

النجيل الغض تهوي ظلمة لامعة بين الشقوق انفتحت ذاكرة الطير، جناح دافئ ينبت ما بين الحواس الخمس

عش لجثوم الهدأة الخالقة الأرض وإغراء الشقوق السنبل، الذاكرة انصبت بما تحمل من إرث وليل ذوبان

الخلق في الخلق انشطار الخلق في أعضائه أقعت وأقعي عيثا يلتقطان الكهرمان اشتبك الماء بلحم الأرض

في عشر لغات حية العناب قمح تنطوي أعواده الهشة، قش وبشاشات تكسرن وعرشا يفسح الهيش، اشرأبت

بهجة الجوقة بالعشب الأناشيد تناوشن السماء اتسعت والأنجم ازدانت بما يرسمه الكحل عليها ازدهرت

عليقة القبلة، صلصال له النعمة والمجد ارتوى، تحت اللسان احتشد الطير وكعك الأقرباء السكر الذائب

في ماء الشعير، احتشدت في نكهة الحلم حروف المد والقصر وصلصال له النعمة والمجد علي يابسة

العرش وقوس الأفق والماء استوى، يفتح جبروت الصخر مسالكه والحجارة تخر صعقة فهل لامستها

شفافية اكتساء العظام باللحم أم تتنزل الدهشة من سمواتها العلى في صيحة كالصاعقة المرسلة!!

الجسدان ينبعان وتتسع بهما حدود الأرض ويزّحزح الأفق حنان كأنه الخوف ورحمة كأنها جيوش

الشجر وخيول القرابة الصاهلة في ذاكرة المسافر جسدان هما الأرض بما رحبت وأرض هي المسافة

المقدسة بين العبارة والعبارة إقامة في القول هي السفر علي أطواف الذاكرة العالقة بجريان النهر

ودوران الريح والمندفعة بين جزر الرغبة القاسية في أن يكتشف المكتشف وفي الامتلاء بالجرأة

المتوهجة علي قول ما قيل مجددا وضرب الخيمة في متردم القصيدة وبادية الحداء، نجمة الصبح

على وشك الطلوع بين ماءين السحاب الأصهب الأشهب أقدام من السعي الهيولي علي وجه المياه

خطوة هائلة الوجهة ماء كل شيء كل شيء ليس ماء، جسد الأرض فتوق رخوة ينهمر السعي الهيولي

عليها بالسحاب الأشهب الأصهب قطعان توالي سيرها المحتشد الذائب في غرينها الريح علي وجه المياه

وجهة هائلة الخطوة: كانت رقصة الريح دوارا قلبا يربط بين الأفق والطين فضاءات الرمادي النسيج

انفسحت يبعثرها وهج الإضاءات، أنار أفرع؟! أم غابة من كل زوجين؟! وهل هذا الفضاء، سيرة للشجر

المقبل مرمي لرشاقات النبال، الصيحة المرسلة الرجع وإيذان بوقت الفتح؟! هل هذا الفضاء، قبة الرحمة

بالخلق أم الأمة قوس ودم ينزف من أجوازه مدا وجزرا، شهقة سوف تكون الشهداء؟! أمة مستورة

هذا الفضاء القبة؟! الأرض الخلاء / خطوة في الفلك الدائر والنار المواقيت؟! كلام تحته تذاوب

الأنجم والشمس وأمداء الجلاميد ولا يحمله غير القصيدة؟! رجل وامرأة تفتح في الطوق هلال الوجع

الأخضر، في عروة ثوبيها الشفيفين الرضاعات بخور اللبن الحي حفيف المخمل الناعم بالإرث وبالوارث

تمشي خضرة مثقلة الخطوة بالوقت وتنأى وهو يمشي مثقل الوقت بفوضى الاحتمالات اشتباك الموت

بالقافية الصعبة والماء وينأى والمدى بينهما متسع الفقر، اكتمالات التواريخ المدي أسئلة الأهل الذين

ابتدءوا ثم انتهوا لكي يبدؤوا هل أحد يعرفهم فيه وهل من أحد يعرفه فيهم وهل من أحد يسمع ماء نازفا

في طبقات الذاكرة ليس ماء كل شيء كل شيء ليس ماء

قصيدة ألف قيامة لموت واحد

"مرثيةٌ في اغتيال شامل باسييف"

اجتمع الشيوخ في الساحة، جالسين، في حلقات ليناقشوا الوضع، لم يتحدث أحد عن كراهيتهم للروس

لأن ما كان يشعر به الشيشانيون صغارا وكبارا، كان شيئا أقوى من الكراهية، ليست كراهية، بل

اشمئزازاً ونفوراً وحيرة في مواجهة هؤلاء الكلاب الروس وعنفهم الغبيّ والتطلع نحو محوهم كما

تمحى الفئران والعناكب السامة والذئاب، ليو تولستوي رواية الحاج مراد 1910 رفَّتْ على وجهِ

الصبيِّ فراشتانِ وحطَّتا غمازتينِ تشعشعانِ إذا تبسَّمَ بالحليبِ وشقشقاتِ الماءِ، تنغرسانِ إن غضبت

ملامحُهُ كبرعمِ دمعتين، أسميتُكَ النجمَ الذي يعلو، يشقُّ غياهبَ المنفى توقُّدُهُ أسميتُكَ النسرَ المحوِّم

في سماءِ الروح، سدرةُ منتهى الأشعارِ مرقدُهُ أسميتُكَ الحصباءَ والأعشابَ في جبل العشيرةِ، أنتَ

راعيهِ وسيِّدُهُ لستَ ابنَ أمِّكَ أو أبيك إذا نسيتَ ذراهُ أو أُنْسيتَ أنكَ للرعاءِ وللخيول الخنجرُ الحامي

وللحطاب جمرتُهُ وموقدُهُ حتفٌ لمن عاداهمو سيفٌ لمن كانت لهم يدُهُ أسميتُكَ النبعَ المزفزفَ

بالمياه ليشربَ الطيرُ الشريدُ ويصطفي عشّاً يزقزقُ من تكاثره تجدُّدُهُ أسميتُكَ الغضبَ المقدَّسَ

فالرياحُ خيولُ أحرفِهِ الضوابحُ والغيومُ دليلُ قلبكَ في الرحيل إلى ثراكَ، فأنتَ كثرتُهُ وواحدة يا ابني

ويا ابن أبيكَ وابن أبيه، لاسمِكَ إرثُهُ الوقَّادُ في الثأرِ المورث والجبالِ وفسحةِ الآفاقِ والجَرْسُ الكظيمُ

لكلِ نائحةٍ تردِّدُهُ، كانت هناك أمةٌ في الجولاج، لم تستسلم أبدا، لم تتطبع مع الحياة العقلية للاستسلام

ولم تكن جماعة من المتمردين، بل كانت أمة بأكملها، أشير هنا إلى الشيشانيين هؤلاء لم يحاولوا إرضاء

أو استرضاء الزعماء وكانت أفعال هذه الأمة متشامخة وكانت في الحقيقة معادية وهناك شيء غير عادي

يجب الإشارة إليه، أنه لم يتمكن أحد من منعهم من الحياة على الطريقة التي كانوا يعيشون بها والنظام الذي

حكم الجولاج، طوال ثلاثة عقود، لم يتمكن من إجبارهم على احترام قوانينه، سولجنتسين، أرخبيل الجولاج

كانت أغاني المهد تصهلُ في براحِ القلب، فانبسطَتْ سماوات وأرضٌ واشرأبَّتْ من خطى إيقاعِها الأوتادُ

والغاباتُ وانفسحت مرامحُ خيلِها، امتدت ملاعبُ طيرِها ونسورِها بين الطباقِ السبعِ، أمُّكَ فتَّحَت في

معصراتِ الغيمِ أبوابَ الكلام: لا ينحني رجلٌ لغير الله والأعشابِ في سجّادةِ الملكوت والماءِ المزمزِمِ

في الشقوقْ، أرضُ العشيرةِ والفطام بعيدةٌ بُعدَ الصِّبا وقريبةٌ قربَ الغناءِ من الحناجرِ والرباب، الأرض

حولك في اتِّساع القيدِ، في لغة القياصرةِ القدامى ظلمةُ المنفى وفي لغةِ القياصرةِ الحُثالة رعدةُ الموتِ المُهان

الموتُ، أقسى الموتِ، أن تَنْحلَّ طيناً في يد الخزّافِ يعجنُهُ ويُبدئُهُ وينفخ فيه من أهوائِهِ وكأنه ما كان ذا شكل

ولا معنى قلبٌ بلا جبلٍ تحومُ نسوره وتُضيءُ شمسٌ في مرايا ثلجِهِ: حجرٌ ، ورأسٌ لا يطنُّ به انحدار الماءِ

في الوديان: محضُ خَرابةٍ لا يستحق بهاءَ "قـلْبَقِ" جدِّهِ ويدٌ تُزَلْزِلُها من الخوف المهينِ نذالةُ النسيان، لا تقوى

على حسمٍ بطعنةِ خنجرٍ: مولودةٌ للقطْعِ والشّفةُ التي لا تستطيبُ قراءةَ التجويد للدم في صحائف أرضها ومتونِ

أهليها: بغيُّ خيانةٍ تلغو ولم يُخْلَقْ لها شرفُ اللغة، في الغيمِ مهرٌ أشهبٌ أرسانُهُ خَيْطَانِ من ريحٍ ومن مطرٍ

وفرشُكَ سرجُهُ، فاحلمْ وباغِتْهُ وضفِّرْ من صهيلِ البرقِ والأرسانِ واعقدْ في حديدِ النافذة أنشوطةً واحلم به

حتى يحين الوقت، للنسرِ ما امتدَّ الفضاءْ مِنْ فسحةِ الطيران في أهوائِه ودمائه من أول الوكْرِ الممنَّعِ في

الذرى حتى انفجارِ النورِ تحتَ العرش، ما من سكةٍ لترابِ أهلك غير ما انتقشت بهِ الحصْباءُ من دمكَ

الذي انهملتْ خُطاه على خطاكَ وللرحيلِ إلى دمائكَ، من دمائك نجمةٌ تَهْديكَ، فارحلْ، ليس الشيشاني

سوي قاتل وإذا لم يكن قادرا علي القتل فهو قاطع طريق وإذا لم يكن هذا ولا ذاك فهو لص وإذا لم يفعل

ذلك فهو ليس شيشانيا، الجنرال باراكوف، يجب القضاء قضاء مبرما علي الشيشانيين قطاع الطرق

كالكلاب المسعورة، بوريس يلتسين أممٌ تكشَّفَ زيفُ ما عاشتْهُ من رعبٍ ومِنْ كَذبٍ تفكِّكُ عن مغازِلِها

حبالَ قيودِها وتقيءُ ما اعتَلَفتْهُ قهراً من مَعالِف قاهريها والسماءُ قريبةٌ وخناجر الشهداءِ تنحِتُ أو تقشِّرُ

ليلَها والفجر يبزُغُ من أسنَّتِها ويركضُ في فيافي الروح، هل تَعْرى الخليقةُ مثلما وُلِدتْ من الأسماء

يومَ النفخة الأولى بأربعة العناصرِ؟! والغرائزُ فتَّحتْ مكنونَها؟! غَطَّتْ غروزني والقرى فوق السفوحِ

هشيمَها بجروحِها وتنظَّرَتْ غوثاً وقد سقط الكلامُ على الكلامْ كذِباً على كذبٍ وأقنعةً تهرَّأَ لحمُها

وتفسَّختْ من تحتها جيفُ الملامح، أوجهُ الأمواتِ تلغو، ليس يقبَلُها الردى ، لا ترتضيها الأرضُ

فهي بلا قبورْ تعوي وتنبح في سهوب القتلِ والظلماتُ فيضُ دمٍ وأشلاءٍ وسيفُ البرقِ يشْرَخُ في الجبالِ

مسالكَ البدء المجلجِلِ بالنشورْ لغةً تُغافِلُ موتَها وتشق في الجبل الطريِّ مكامنَ الشهقاتِ والزفراتِ

أمُّكَ في أغاني المهد والترقيص كانت تنتشي وتقولُ: ليس على مدى الأعمارِ ألْيَنَ من صدورِ الأمهاتْ

إلا جبالُ الأهلِ والحصباءُ في طرقِ الرجوعْ، فادخُلْ عروقَ الصخرِ واصعد للذرى ومكامن الشهداء

من وكرٍ لوكرٍ، إنَّه البدءُ المجلجِلُ بالقيامة والنشورْ فاصعدْ لتُكْمِلَ دورةَ الإحياءِ في طبع النسور

كيف يتسنى لإنسان شريف أن يعيش في وطن كهذا، الجنرال أليكساندر ليبيد، سقط الكلامُ على الكلامْ

رملاً على رملٍ وأطلالاً من المعنى على معنى الرُكامْ والكونُ منكدِرٌ كأنّ النطقَ والإشهادَ ما كانا، كأن

العرشَ منغرسُ القوائم في ظلام الغمْرِ ، تنسحبُ الخليقة في الأفولْ ينْحَلُّ ما اشتبكت به الأشياءُ في تكوين

جوهرها ونسج جدالها المشبوبِ، كلُّ نقيضةٍ تَفْنى وتُفني أختَها فالريحُ بابٌ موصدٌ والبئر أخيلةُ الأعالي

والمياهْ حُرَقٌ من الظمأِ المذوَّبِ في سراب الروحِ والنيرانُ رعدةُ وحشةٍ في القشِّ والأحطابِ والطينُ

انتظارٌ ذاهلٌ، لا النطق يحييهِ ولا الإشهادُ يطلقُهُ، أسيرٌ أنت في دمك الأسيرِ وأنتما والأهلُ في البلدِ

الأسيرْ كان الثمانيةُ الذئابُ تحلّقوا حول القصاع، ثريدُهم لحمُ الشعوبِ، شرابُهم نفطُ الجياعْ كانوا

وكان القيصرُ الشحاذُ شيخُ المخبرين يدعو اللصوصَ ليشربوا نَخْبَ اغتيالِكَ، كان رمحٌ من دمائك

يشرَخُ الملكوتَ، فأعرج، ليس من حرجٍ على الأعرج وأعرج وطف، بالنقش بند، ارقصْ وطالع

دورةَ الأفلاكِ واخطف وردةَ الدم من حرائق قندهار خُذْ عشبةً نبتت بجمجمة الشهيد على ذرى الكرْملْ

خُذْ وردةً من كف شحاذين حول النيلِ واشربْ غصةً من طميـِهِ الأهطلْ خُذْ سعْفةً من نخلة السيَّابِ

وامضغ تمرها المعجون بالنابالم والبارودْ خُذ طُرَّةً من كسوةِ البيت العتيقِ وآيةً من زُخرِفِ المحملْ

في الليلة الكبرى وساعة عرسك الموعودْ قد تشهَقُ الأمم الذليلةُ شهقة الغضب الولودْ يا راحلاً عكّازه

برْقُ البُراقِ ورعدة الآفاقِ تحتَ الأشهَبِ الأجدلْ من ذروة الأفلاك رجِّعْ وِرْدَكَ المورودْ: ما في الصبابة

مَنْهَلٌ مُستعذَبُ إلا ولي فيه الألذُّ الأطيــبُ أو في الوصال مكانةٌ مخصوصَةٌ إلا ومنزلتي أعـزُّ

وأقـــربُ أنا بلبلُ الأفراحِ أملأُ دَوْحَها طرباً، وفي العلياءِ بازٌ أشهب

قصيدة حجر الأجيال

قصيدة حجر الأجيال من أجمل قصائد محمد عفيفي مطر وتقول:

يا حجراً أعرفهُ مذْ كنتُ صغيراً ألهو فوقَ العتبة وأدقُّ عليكَ نواةَ المشمشِ والخروبْ في المدخلِ

كنتَ تنامُ عميقاً، لا توقظكَ الشمسُ ولا هَرْوَلةُ الأقدامْ، كنَّا في شمسِ طفولتنا وصبانا نصطادُ فراشَ

الأحلامْ وأنا أسألُ صَمْتَكَ: هل تَتَفَصَّدُ ملحاً مثلي أمْ تنفصَّدُ عَرَقاً من رملٍ أمْ سوفَ تشيخُ فتنثركَ

الأيامْ في طرقِ السعي؟! وهل صمتُكَ دمعةُ حزنٍ مكْنونةْ أم زفرةُ يأسٍ أم بهجةُ حلمٍ يتوقَّدُ في أغنيةِ

الصمتِ المجنونةْ؟! كنَّا في طرقِ السعي نغنّي للعدلِ وللحريةِ ونفجرُّ في ضَرَباتِ القلبِ بروقاً خُضْراً

تَسْطَعُ في كيْنُونتنا السرِّية فترانا الأرضُ بشارةً فجرٍ يطلعُ من تاريخِ الظلمة. يا حجراً أعرفُه

هل كنتَ الموسيقى المخبوءةَ في شعرِ الشعراءْ أم كنتَ نداءً كونيّاً يَصَّاعدُ من صمتِ الشهداء؟!

أزْمنَةٌ مرّتْ.. كانت تنثرُ فضَّتَها ورمادَ كهولتها في الشِّعْرِ وَوَهَنِ الخطوةِ والجسدِ المهزومْ وأنا

أسألُ صمتَكَ: هل صرختُكَ الملساءُ الحُبْلى تحملها عرباتُ خرابٍ مندفعةْ ينقلها بنَّاءون لصوصٌ

من أعتابِ البيتِ لبناءِ السجنِ وتَعْليةِ الأسوارْ؟! أم هذي الصرخةْ فجرٌ فَضَّاحٌ مكتومْ سيُشعْشِعُ

حينَ يدقُ الولدُ الآتي من ظلماتِ الغيبِ نواةَ المشمشِ والخروبْ؟!

قصيدة نداءات على الجدران

نداءات على الجدران لم تقشرها الأظافر، ولم يغسلها المطر اختبئ ياقطاراً يهرول في الحلم صوتك

يخلع ريش النشاز الملون، يسقط بين الصدى والصدى، وتصنفره شفرات الأظافر يدخل أوركسترا

الأسر فلتختبئ يا قطار يهرول في الحلم فالأرض مكشوفة المحطات مفتوحة تحت ضوء السفر اختبئ

فالإقامة مأهولة بوحوش القرابة والألفة الناعمة جسد للعشيرة، أعضاؤه انفرطت كالعناقيد في ورق

الملصقات الأفيشات وهج النيون المشاكس حط الظلام فهل ينفر النهد تحت الأكف وتلتم رهط العناق

الصريح وهل يفتح الليل مضيفه للتخاصر والجنس؟ هل تفلت الشهقات المقيمة في اللون، هل تنفست

حقائب الوطن، يا الله هل يملك كل هذه الملابس الداخلية؟ وبعثرها في الريح، فهل كل هذه الألوان

من شمس واحدة؟ وغربت الشمس فكل طريق صباح وكل صباح طريق العصافير تنسج أعشاشها

في حديد الشبابيك والأرفف الخشبية في المكتبات وفي الحافلات المليئة بالزحمة الضاحكة والعصافير

تنسج أعشاشها تحت ليل من الشعر المستعار وفي خوذ الشهداء وأحذية الهاربين أسرعوا، أسرعوا

فالبلاد القديمة ركضت خلفكم، واكتبوا، واكتبوا.. فالبلاد القديمة قطعت شجر الأبجدية مطلع جاهلي

يجيء تطلع الشمس في الذاكرة تحت إيقاعه يستضيء وطن للخراب الطلولي نهر تجررّه الصرخة

الغائرة صخب، وبلاد تجلجل في حجر السمع والرعد يزرع أعضاءه انتظروا، تصهل الخيل في الأروقة

قصيدة حسن وجليلة

خلال دمي توهّجَ وَجْهُكِ الزّهْريُّ وامْتلأتْ عروقُ الطَّمْيِ بالعُشْبِ وفجَّرَني عبيرُكِ طُحْلباً ومَواسماً

تَهْتزُّ تحتَ عباءةِ النّبْتِ وموسيقى أراقتْ ماءها الصّيْفيَّ في قلبي لِتَنْتَ في سواقي الشِّعْرِ والأحزانِ سِرْوةُ

عاميَ العِشْرينْ.. وفي عَيْنيْكِ منْ جُمَّيْزتي ظِلٌّ ومنْ تاريخها دوّامةُ الصَّمْتِ. دعيني ساعةً في فيئكِ

المصْلوبِ يا جُمَّيْزةَ الخِصْبِ فإنّي قَطْرةٌ من مائكِ المدْفونِ بيْن ترائبِ الميلادِ والموْتِ أراكِ الآن يا نافورةَ

الأطْيارِ والأحْلامْ يسبلُ الشِّعْرُ من نَهْديْكِ طفلاً راقصاً وصواعقاً مجنونةَ العَيْنيْن، سأهْربُ منْكِ إنّ أبي خلال

تَغيُّبي قدْ ماتْ أبوكَ أنا وأُمُّكَ والذي يأتي وما قدْ فاتْ، سأهْربُ منكِ يا أنشودتي الخضراءْ أخافُ فضيحتي

وتَحيُّرِ الولدِ الذي يأتي بما في عَيْنِه السّوداءِ من تاريخيَ المشْبوحْ أريقُ دمي وأسْكبُ فيه ما يَعْتادُني منْ صَوْتِكِ

المذْبوحْ سأهْربُ منكِ يا مَسْمومةَ النَّهْديْن أحاورُ عَتْمةَ المِصْباحْ، أبوكَ أنا وأُمُّكَ والدَّمُ المسْفوحُ والمصْباحْ

ستَذْهبُ ساعةً وتعودُ تسْألُني عن الولَدِ الّذي انتَظَرَتْه عيْناكا وغَنّيْناهُ منْ أشْعارِكَ الخضْراءِ رُؤياكا، أنا لا، لا

أعودُ إليْكِ قبلَ تَغيُّرِ الفلَكِ سأتْركُ نَسْلَكِ المسْمومَ للدُّنيا الرّماديّة سأنتظرُ الصّراخَ الهالعَ المجنونَ في الطُّرقاتْ

لأنّي لنْ أرَى عَيْنيْه ولا أتحمّلُ المسْكوبَ منْ نَهْديْكِ في جنْبيْه فماؤكِ لمْ يَزلْ ينْصَبُّ بين ترائبِ الميلادِ والموْتِ

هبيني ساعةً لأفرَّ قبل مشيبنا المدْفونِ في اللّحْم هبيني ساعةً لأراكِ بين الصّحْوِ والحُلْمِ لأهْرمَ ساعةً وأموتَ

من يأسي وانهزم وأنْهضَ ساعةً وأقومَ منْ موتي وأنتصرُ ففي عَيْنيْكِ دُنْيا أُغْلِقَتْ والْتفّت اللّذّاتُ بالرُّعْبِ

دعيني ساعةً لأعودَ للجُمّيْزةِ الخضراءْ فإنّ أبي الذي قد ماتَ لمْ يُدْفَنْ ونحْنُ.. ألمْ نُغافلْ مَوْتنا لنعودَ في

اللّيْلِ بما في رَعْشةِ الجَسديْنِ من طِفْلِ، أخاف فضيحةَ الميلادِ قبلَ شعائرِ الدَّفْنِ.. أخافُ خديعةَ الأطفالِ

في الدُّنيا الرَّماديَّة أخافُكَ يا طريق اللّحْمِ واللّذّاتِ والجُبْنِ وأخْشَى ماءكَ السّيّالَ في الأنْشوطةِ السّوْداءْ. هجَرْتُكِ

لَيْلةً لمْ يَنْسرِبْ في جوْفها قَمرُ ولمْ تتراكض الأشْباحْ أُحاورُ عَتْمةَ المِصْباحْ فينْسكبُ الصَّدى المعْجونُ بالظُّلْمَة

"سَترْجعُ لي.. لأنّي لمْ أزَلْ بسريريَ الدَّمويِّ أنتظرُ لأنَّ العُشْبَ والأقْمارَ منْ نَهْديَّ تنْفجرُ سَترْجعُ لي وأُسْرعُ

آهِ لوْ ألْقاكُمُ الآنَ أيا أصْحابُ لو أبْكي على أكتافكم ما اعْتادني من صَوْتها المذبوحْ.. فقد تمضونَ بي لمدافنِ

القَرْيَة لأدْفنَ والدي المطْروحْ وأسْألُه عن الكُفْرانِ بالجُمّيْزِ غُفْرانا جليلةُ لمْ تَزَلْ خَمْراً ورُمّانا ومَقْصلةً من

الأصْداءِ والأحْلامْ جليلةُ.. آهِ لوْ قَطّعْتُ نَهْدَيْها قُبَيْلَ رحيلي المجْنونْ ولوْ أبْكي رُؤى من عالَمي المسْجونْ

بِعَيْنيْها.. فسوْفَ تَرَوْنني منْ أعْمَقِ الجُرْحِ أناديكُمْ.. وأضْرعُ: آهِ.. لو تُلْقونني في مَطْلعِ السُّلَّمْ سأطْرقُ بابها

وأقولُ: مَعْذرَةً فقد خانَتْني الصُّدْفة وأعْرفُ أنها ستشُدُّني وتغوصُ بي في عالمِ الأحْلامْ. جليلةُ.. ها أنا في

اللّيلِ تحتَ حدائقِ الأصْداءْ أُحاورُ لا أرى إلاّكِ في قَلْبي وأسْمعُ صَوْتَكِ المَغْسولَ بالعُشْبِ يُحاورُني فترْقُصُ

حَوْلي الأشْباحْ ومِنْ نَهْدَيْكِ يَصْعدُ كَوْكبي الأخْضَرْ. تَعاليْ واشْرَبي منْ نَهْدها المَعْمورِ يا جُمَّيْزةَ الخِصْبِ

ومُدّي جِذْرَكِ الظَّمْآنَ.. واسْقي طَيْرَكِ المَسْحورَ بالأقْداحْ تَعاليْ يا جليلةُ واسْكُبي نَهْديْكِ في جُرْحي

قصيدة في المعرفة المرة

إنني أدخلُ كالظنّ إلى أرواحكم وإلى أجسادكم أبدأُ الرحلةَ ما بين العروق المعتمة علني

أنظرُ ما يشبهُ شمسي المظلمة علّني أنظرُ ما يشبه أعراس الردى في الزحمة المنهزمة

ربما قابني الليل الذي يُجهض في كلّ صباح ربما يُسمعني السيفُ حوار الدم في اللحم

الغريض المستباح، عدتُ منكم بعد أن دوّخني الليلُ وأعماني الطواف وارتوت روحي

من البؤسِ الجِبِلِّيِّ الرهيب لم أجد غير الثمار الحجرية واللغات الحجرية

تم نشر هذا المقال على موقع رائج

2024-06-30T10:19:32Z dg43tfdfdgfd