المغالاة في المناسبات المجتمعية اثقلت كاهل المواطن

الرأي - عبدالحافظ الهروط

الطويسي: الظاهرة تحتاج لتنظيم وتقديم الأولويات

الرواشدة: ضرورة التوازن بين التقاليد والقدرة المالية

تعددت المناسبات للمجتمع الأردني بأفراحها وأتراحها، لتلقي بأعبائها تأثيرات اقتصادية واجتماعية، اثقلت كاهل المواطن، وهددت مستقبل أسرته.

الأردنيون، محكومون بعادات وتقاليد وسنن حميدة، ما ترتب عليهم تكلفة في المال والجهد والوقت، فقد تجاوزات مناسباتهم في أعدادها وأشكالها عما كانت عليه في عقود ماضية، حيث البساطة والتعاون بين الناس لتخفيف تلك الأعباء.

ما يشهده الأردن يومياً، من مناسبات الأفراح: جاهات الخطوبة وحفلات الزواج وتخريج الطلبة الجامعيين والدراسات العليا والنجاح في الثانوية العامة، والترفيعات المدنية والعسكرية وتعيينات الوزراء والأعيان، والترشح والفوز بالانتخابات النيابية والنقابيّة.

و في الأتراح، فتح بيوت العزاء وتقديم الطعام لغير أهل المتوفى،كل هذه الأمور التي يتعامل معها المواطن الأردني، جعلته يتساءل: ما الحل، وكون هذه المناسبات في ازدياد؟!

ويتساءل المواطن، أيضاً،: أين المبادرات التي أطلقت في سنوات سابقة لتخفيف كلفة هذه المناسبات، في ظل ظروف اقتصادية صعبة؟!

الوزير سابقاً، الاكاديمي، د.عادل الطويسي، و رئيس قسم علم الاجتماع في الجامعة الأردنية د. ميساء نصر الرواشدة، أبديا رأييهما لـ$حول هذه الظاهرة في شقيها، ومدى تأثيرها على الناس وقد أصبح كثير منها ثقافة مجتمعية.

د.الطويسي

العادات والتقاليد سمة شعوب العالم، والشعوب العربية تحديداً، ومنها الشعب الأردني الذي يراها قناعة ونبراساً ومشاوفة حيث تشكل المناسبات نمط حياته اليومية.

لقد باتت هذه المناسبات ظاهرة تستوجب التنظيم وإعادة النظر في بعضها لما لها من أعباء مادية على كثير من شرائح المجتمع.

ولا شك أن من هذه العادات والتقاليد ما يعد سنّة حميدة، إلا أن الظاهرة بمجملها تدعو لتقديم الأولويات منها، وحتى لا تكون في استحقاقاتها المادية على حساب مصالح الأسرة الأساسية وهي التعليم والصحة والتزامات الحياة اليومية، وصولاً إلى قدرة الأسرة على تأمين متطلبات الزواج لأبنائهم وبناتهم وتأمين المسكن بعيداً عن اللجوء إلى المديونية، فلماذا لا نقدم متطلبات الزواج على كلفة الخطوبة، مثلاً؟!

إن من المستغرب أن يشكو الناس من الوضع الاقتصادي، وقد رهنوا أنفسهم للبنوك لسنوات، ولكن يتفاجأ المرء بأعداد المدعوين للمشاركة في جاهات الخطوبات والأعراس، وهي تقام في قاعات الفنادق وتقديم الطعام والحلويات بأشكال مفرطة.

لقد حضرت مناسبتين لعرسين كان الحضور في احداهما (٣٥٠٠) مدعو، فيما الثانية أكثر من١٥٠٠ مدعو، إذ أرى أن أهمية الجاهة، ليست بالأعداد.

وتحضرني عند حديثي عن هذه الظاهرة، وثيقة السلط الشعبية، التي دعا فيها أخوتنا في السلط لتخفيف الأعباء المادية، فكانت سنّة حميدة، إذ أدعو الشعب الأردني لإحيائها، والعمل بها في هذه الظروف الصعبة، لا بل دراسة هذه الظاهرة وتبيان جدواها الاجتماعية والمالية.

كما ادعو أن تقوم جهات شعبية يشارك بها من يشار اليهم في المجتمع، وذلك بعقد مؤتمر يتناول هذه الظاهرة ليخرجوا بإجراءات وآراء تخفف من كلفتها، ويجعلها تتواءم مع عاداتنا وتقاليدنا التي تعكس احترام الأردنيين لبعضهم بعضاً.

ننتظر من يعلّق الجرس، ومساهمتنا الثقافية في التعامل مع مناسباتنا، يجب أن تكون نابعة من ذاتنا، وأن ندخل هذه المساهمة في مناهجنا ويتناولها خطباء المساجد، ليتم تعميمها والعمل بها من قبل الجميع.

د. الرواشدة

يلعب السياق الثقافي والطقوس الاجتماعية دوراً كبيراً في تشكيل سلوكيات الأفراد والمجتمع في ما يتعلق بالمناسبات الاجتماعية والمغالاة في الاحتفال بها.

يهتم السياق الثقافي من خلال العادات

والتقاليد والموروثات والقيم المشتركة في كيفية تفسير الأفراد للمناسبات الاجتماعية مثل الاعراس وحفلات التخرج واعياد الميلاد والتي يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على الوضع الاقتصادي للأفراد حيث تقدر بعض الثقافات الاحتفالات الكبرى وتعتبرها رمزاً للكرم والجود.

وتنتقل بعض العادات عبر الأجيال، مما يجعل الاحتفالات الباذخة جزءاً من هوية المجتمع.

في بعض الثقافات، يُنظر إلى المناسبات الاجتماعية كفرصة لإظهار المكانة الاجتماعية والثراء، مما يدفع الأفراد للإنفاق الكبير لتجنب الإحراج أو الشعور بالنقص، مما يشكل ذلك، ضغوطاً اجتماعية تشعر الأفراد بضرورة التماشي مع المعايير الثقافية لتجنب النقد أو التهميش، مما يزيد من التزاماتهم المالية.

كما تعمل الطقوس الاجتماعية على تعزيز الروابط بين الأفراد والمجتمع، حيث تعد وسيلة لتأكيد الهوية الجماعية والانتماء.

كما تحمل بعض الطقوس معاني رمزية عميقة وتعبّر عن قيم ومعتقدات المجتمع، ما يجعل من الصعب تقليل أو تبسيط هذه الطقوس دون الشعور بفقدان الهوية كما تسهم الطقوس الاجتماعية في التأكيد على الروابط العائلية والاجتماعية وتعزيز العلاقات بين أفراد المجتمع.

والكثير من هذه الطقوس مرتبط بدورات الحياة مثل الولادة والزواج والموت، وهي مناسبات تحمل أهمية كبيرة وتستلزم احتفالات تتماشى مع تلك الأهمية.

يؤثر السياق الثقافي والطقوس الاجتماعية على الاقتصاد من خلال تحديد أولويات الإنفاق، حيث يتم تخصيص مبالغ كبيرة للاحتفالات والطقوس الاجتماعية على حساب الحاجات الأساسية أو الادخار.

كما تخلق الطقوس الاجتماعية توقعات بشأن كيفية الاحتفال، وقد يؤدي هـذا إلى زيادة الضغوط المالية على الأفراد للتماشي مع هذه التوقعات.

ان التوازن بين التقاليد والقدرة المالية يمكن ان يعزيز فكرة الاحتفال بطريقة تتناسب مع الإمكانيات المالية دون فقدان المعاني الرمزية والثقافية. من خلال نشر الوعي بأهمية التوازن المالي وتعزيز ثقافة البساطة يمكن أن يساعد في تخفيف الضغوط الاقتصادية الناتجة عن المغالاة في الاحتفالات.

السياق الثقافي والطقوس الاجتماعية يلعبان دوراً حيوياً في تشكيل كيفية تعامل الأفراد مع هذه المناسبات، بما في ذلك المغالاة في الاحتفال بها.

من خلال فهم هذا السياق والعمل على التكيف معه بشكل يعزز الاستدامة المالية، يمكن للمجتمعات أن تجد توازناً أفضل بين الحفاظ على تقاليدها والعيش وفق إمكانياتها.

Provided by SyndiGate Media Inc. (Syndigate.info).

2024-07-04T02:04:05Z dg43tfdfdgfd