انسحابات الأمتار الأخيرة من انتخابات إيران.. دلالات وتأثير الخطوة

قبل ساعات من إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية، تقلص المتنافسون على المنصب الرفيع، بعد انسحاب مرشحين اثنين، في خطوة من شأنها تعزيز فرص فوز مرشح تابع لمعسكر المحافظين.

ويدلي الإيرانيون بأصواتهم يوم الجمعة في انتخابات رئاسية مبكرة لاختيار خليفة للرئيس السابق إبراهيم رئيسي الذي توفي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر.

إلا أن الاستحقاق الرئاسي انسحب منه، مرشحان من المحافظين المتشددين، ليبقى بذلك أربعة مرشّحين. وأعلن رئيس بلدية طهران علي رضا زاكاني على منصة «إكس» (تويتر سابقا) ، أنّه لن يشارك في الانتخابات، بعد إعلان وزارة الداخلية انسحاب المرشّح أمير حسين غازي زاده هاشمي.

فماذا تعني تلك الانسحابات؟

اعتبر خبراء في الشأن الإيراني، في أحاديث منفصلة لـ«العين الإخبارية»، أن انسحاب مرشحين متشددين، يحمل «إشارة قوية من جانب المتشددين بشعورهم بالحاجة إلى إعادة توحيد صفوفهم»، إضافة إلى أن انسحاب مرشحين من تيار واحد يشير لمحاولة «هندسة العملية الانتخابية»، من أجل استبدال الرئيس الراحل بآخر أكثر موالاة وقربا من المرشد الإيراني.

ويقول الخبير في الشأن الإيراني الدكتور عارف نصر، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن انسحاب زكاني وزاده هاشمي اللذين ينتميان لنفس التيار الأيديولوجي، يأتي نابعًا من مخاوفهما من الحصول على أصوات قليلة لتراجعهما في استطلاعات الرأي، ما يفقدهما الأهمية اللازمة للحفاظ لاحقا على فرص الحصول على مكاسب ومناصب سياسية عقب الانتخابات.

وحول سر انتظار المرشحين حتى قبل موعد الانتخابات الرئاسية بساعات، قال الخبير في الشأن الإيراني، إن ذلك يعود لأغراض سياسية.

ماذا تعني الانسحابات؟

بحسب الخبير في الشأن الإيراني نصر، فإن انسحاب المرشحين، سيؤدي إلى تركيز قاعدة تصويت الأصوليين بين المرشّحَين المحافظَين الأوفر حظاً، وهما المحافظ المتشدّد سعيد جليلي والرئيس المحافظ للبرلمان محمد باقر قاليباف، واللذين ينتميان إلى نفس القومية.

ورغم أن الانسحاب من سباق الرئاسة الإيرانية في الساعات الأخيرة أمر شائع، إلا أن الدكتور مبارك آل عاتي، المحلل السياسي السعودي، اعتبر في حديث خاص لـ«العين الإخبارية»، أن انسحاب مرشحين متشددين يعد إشارة قوية من جانب المتشددين بشعورهم بالحاجة إلى إعادة توحيد صفوفهم حتى لا يخسر من يسمون أنفسهم بأنصار الثورة منصب الرئاسة، والذي كان يتربع عليه أحد ممثليهم وهو إبراهيم رئيسي الذي قضى في حادث المروحية.

بدوره، قال الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث لـ«العين الإخبارية» إن «انسحاب اثنين من المحافظين من سباق الانتخابات الرئاسية يشير إلى هندسة العملية الانتخابية، في الأمتار الأخيرة، بعد أن قام مجلس صيانة الدستور بفلترة المرشحين بالأساس».

فهل يؤثر انسحاب المرشحين على الانتخابات؟

يقول المحلل السياسي التركي والباحث في مركز «تحليل السياسات بإسطنبول محمود علوش، إن انسحاب المرشّحين من المنافسة لن يؤثرا كثيراً على ديناميكياتها؛ لتراجعهما في استطلاعات الرأي.

ورغم انسحاب المرشحين المحافظين، «فلا تزال مخاطر تشتت الأصوات داخل الجبهة المحافظة قائمة بسبب وجود مرشحين قويين لا يزالان في السباق وهما سعيد جليلي وباقر قاليباف»، بحسب المحلل السياسي التركي.

هل الانتخابات حيادية؟

وأوضح الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن القوة التي تتحكم في مسار هذه الانتخابات وتقوم بعملية هندستها في ذهنها شخصية معينة تريد أن تفسح لها المجال.

ولم يستبعد عبد الفتاح أن تشهد الساعات القليلة المقبلة قبل الانتخابات تعرض بعض المرشحين لمضايقات أو لضغوط أو مساومات من أجل إفساح المجال أمام مرشح بعينه يرتضيه المرشد والحرس الثوري والأجهزة الداعمة لهما.

بدوره، قال الدكتور مبارك آل عاتي، المحلل السياسي السعودي: «ونحن على أعتاب ساعات من بدء مسرحية الانتخابات الإيرانية انحصرت الأسماء المتنافسة في ثلاثة أسماء جميعهم في نهج واحد، وإن أظهروا انهم ينقسمون بين متشدد واصلاحي، إلا أنه لا يوجد في ايران إصلاحي حقيقي فجميعهم ينفذون رغبة المرشد وخطط"»، على حد قوله.

وتابع: «يسعى هؤلاء جميعا إلى مغازلة سلطة خامنئي، فمن تبقى في سباق الرئاسة هم اثنان من المتشددين، المفاوض النووي السابق سعيد جليلي، ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، وثالثهم يسمي نفسه بأنه الإصلاحي الوحيد في السباق، مسعود بزشكيان».

من سيحسم السباق؟

يقول المحلل السياسي التركي والباحث في مركز «تحليل السياسات بإسطنبول محمود علوش، إنه «من الصعب التكهن مسبقاً بالشخصية التي يُمكن أن تفوز في السباق؛ لأن المنافسة متقاربة، وحتى لو فاز بازشكيان، فلن يُغيّر كثيراً من طبيعة السياسة الداخلية أو الخارجية في إيران».

وأردف: «ربما يُنظر إلى فوز محتمل للمرشح الإصلاحي في الغالب على أنه يعكس رغبة النظام في الاستعانة بالإصلاحيين مرة أخرى لتجميل صورة النظام في الداخل والخارج خصوصاً مع تزايد الضغوط الاقتصادية عليه».

يقول الدكتور مبارك آل عاتي، المحلل السياسي السعودي، إنه بالرجوع للأوضاع السياسية في إيران وفي المنطقة وببرنامج ايران النووي ومفاوضاتها غير المعلنة مع الولايات المتحدة وسعيها لرفع العقوبات الاقتصادية وبالنظر للانتخابات الأمريكية والتي قد تفضي إلى تغير الرئاسة في واشنطن، فربما تتجه إيران لاختيار رئيس جديد يبتعد عن خط التشدد لتعطي طهران إشارة جديدة للمنطقة وللعالم، بأنها سائرة في نهج الانفتاح على الجوار والتعاون.

بحسب الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فإنه «لا يمكن الرهان على هذه الانتخابات باعتبارها انتخابات تتسم بتكافؤ الفرص، وأنها حرة ونزيهة وتعددية وتنافسية، وإنما عملية مهندسة لاستبدال الرئيس الراحل بآخر أكثر موالاة وقربا من المرشد ليؤدي أدوارا معينة خلال المرحلة المقبلة على الصعيدين الداخلي والخارجي».

2024-06-27T15:27:51Z dg43tfdfdgfd