تعتبر أزمة الدين العام في بريطانيا واحدة من أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد في الوقت الراهن، وتشكل تهديداً كبيراً للاستقرار المالي والنمو الاقتصادي.
على مدى السنوات الأخيرة، ارتفع الدين العام بشكل ملحوظ نتيجة للإنفاق الحكومي الكبير على البرامج الاجتماعية والبنية التحتية، بالإضافة إلى تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية مثل جائحة كورونا. هذه الأزمة لم تؤثر فقط على قدرة الحكومة على تمويل المشاريع والخدمات العامة، بل أيضًا أضافت ضغوطًا كبيرة على الاقتصاد البريطاني بشكل عام، مما يستدعي اتخاذ إجراءات حازمة لمعالجة هذه المشكلة.
تواجه الحكومة الجديدة تحديات جسيمة تتطلب استراتيجيات فعّالة للتعامل مع أزمة الدين العام. وتحتاج الإدارة الجديدة إلى اتخاذ خطوات جريئة لتخفيض مستويات الدين وضبط الإنفاق الحكومي دون التأثير سلبًا على النمو الاقتصادي والخدمات الأساسية للمواطنين.
بالإضافة إلى ذلك، يتعين على الحكومة العمل على تعزيز الثقة في الأسواق المالية وجذب الاستثمارات، بهدف تحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد.و هذه المهمة تتطلب تضافر الجهود بين مختلف القطاعات وابتكار حلول مستدامة لضمان مستقبل مالي مستقر لبريطانيا.
وعين ملك بريطانيا تشارلز الثالث رسميا زعيم حزب العمال كير ستارمر رئيسا للوزراء، الجمعة، خلال اجتماع في قصر باكينغهام، وذلك بعد الهزيمة الكاسحة للمحافظين الذين سيطروا على تشكيل الحكومة لمدة 14 عاما.
أخبار ذات صلة
رؤية لويدز
وفي هذا السياق، حذر الرئيس التنفيذي لمجموعة لويدز المصرفية - أكبر بنك مقرض في المملكة المتحدة – من أن الحزب الفائز في الانتخابات العامة "لن يكون قادراً على دعم النمو من خلال زيادة الاقتراض الحكومي".
ونقلت شبكة "سكاي نيوز" عن تشارلي نون، قوله إن الدين الوطني للمملكة المتحدة ارتفع خلال العقد ونصف العقد الماضيين بسبب "الصدمات الهائلة" مثل الأزمة المالية العالمية، والجائحة، والحرب في أوكرانيا، وكذلك بعض القضايا الخاصة بالاقتصاد البريطاني، مشدداً على أن هذا من شأنه أن يحد من قدرة الحكومة الجديدة على الاستثمار.
وأضاف: "لقد قمنا بزيادة نسبة الدين الحكومي للمملكة المتحدة.. ويتعين علينا أن نقبل حقيقة مفادها أن الحكومة لا تستطيع دفع ديونها للخروج من هذه المرحلة التالية".
وأفاد بأن نسبة العجز الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت في الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية إلى 7.5 بالمئة، وبينما بوسع الولايات المتحدة أن تفعل ذلك لأنها تنمو بمعدل يتجاوز 3 بالمئة، فضلاً عن كونها العملة الاحتياطية العالمية، فإنه "ليس لدينا مثل هذه الخيارات في المملكة المتحدة، ولكن ما نحتاج إليه هو خطة واضحة ومجموعة من الأولويات.
أخبار ذات صلة
التحدي الأكبر
واستطرد: أعتقد بأننا قادرون على خلق هذا الزخم الإيجابي للاستثمار في الوظائف ونمو الأعمال. ومن ثم سينعكس ذلك على الاقتصاد.. ولابد أن يكون هذا بمثابة مفتاح الخروج من هذه الصدمات الثلاث أو الأربع التي شهدها الاقتصاد البريطاني على مدى السنوات الست عشرة الماضية.
وقال نون، الذي عمل في مجلس الأعمال التابع لرئيس الوزراء السابق ريشي سوناك ومجلس البنية التحتية البريطاني الذي أطلقته وزيرة الخزانة في حكومة الظل راشيل ريفز ، إن هذا سيكون التحدي الأكبر للإدارة المقبلة.
وأضاف:
أخبار ذات صلة
معنويات الأعمال "مرتفعة جدًا"
وأفاد نون، الذي قال إن معنويات الأعمال "مرتفعة للغاية في الواقع" في الوقت الحاضر، بأن خطة حكومية واضحة ومجموعة من الأولويات يمكن أن تساعد في حل ثلاثة أشياء.
وقال إن أول شيء يجب على الحكومة الجديدة القيام به، هو توفير الاستقرار والتفكير في بعض هذه المجالات المتعلقة بالبنية الأساسية والإسكان، وهو ما يتطلب التفكير لمدة عشر سنوات وليس التفكير على المدى القصير. موضحاً أن هناك بعض المشكلات المتعلقة بجانب العرض.. والتي تعيق الشركات عن الحصول على عائد على استثماراتها.
أصوات الناخبين
وفي تعليق لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، قال الكاتب والباحث محمد قواص، إن أزمة الدين العام في بريطانيا تعتبر أحد أبرز الملفات التي أثرت في الانتخابات البريطانية، ضمن قائمة من الملفات الأخرى كانت على طاولة الناخبين.
وأفاد بأن:
وتابع قواص: "التخلص من 14 عاماً من حكم المحافظين وتولي حزب العمال مقاليد الأمور يؤكد أن الناخب البريطاني يريد بشكل أو بأخر أن يغير من سياسات الحكومة وعلى رأسها تعاملها مع الدين العام إضافة إلى ملفات اجتماعية أخرى".
وشدد على أن البريطانيين يريدون التخلص من حالة عدم الثقة في الحزب الحاكم، خصوصاً وأنها غياب الثقة هو العنصر الأساسي في عدم نجاح أي اقتصاد، إضافة إلى رغبتهم في تحقيق الاستقرار عبر اتباع آليات اقتصادية بعينها محفزة للاقتصاد والأخيرة لم ينجح حزب المحافظين في تحقيقها.
أخبار ذات صلة
عوامل مختلفة
وفي حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، قال الخبير الاقتصادي وكبير الاقتصاديين في شركة "ACY" نضال الشعار، إن هناك عدة عوامل مجتمعة تكشف المشهد الاقتصادي في بريطانيا والذي أدى إلى تفاقم أزمة الدين، أهمها:
وأضاف الشعار: "لا أعتقد بأن أي حكومة ستكون قادرة على إحداث هذا التوازن بآلية سريعة، والحل أن تركز الحكومة على متطلبات الشعب وتحقيق نوع من العدالة في فرض الضرائب وترتيب البيت الاجتماعي والصحي ويلي ذلك إيجاد حل لمشكلة الدين العام".
تحديات كبيرة
من جانبه، أكد مدير المركز العالمي للدراسات التنموية والاقتصادية، صادق الركابي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن أزمة الدين العام هي إحدى التحديات الكبيرة التي ستواجه الحكومة البريطانية الجديدة؛ لأنها بشكل أو بآخر تعني ارتفاع الأعباء المالية على الحكومة بسبب ارتفاع تكاليف الفائدة وتقييد قدرتها على تنفيذ سياسات مالية توسعية.
وأضاف الركابي: "قد تصطدم الحكومة القادمة بهذا الأمر الذي قد يلزمها بتخصيص جزء كبير من ميزانيتها القادمة لسداد الفوائد بدلاً من الاستثمار في الخدمات العامة والبنى التحتية حال رغبتها في الحد من تصاعد هذا الدين".
وتابع الركابي: تعتبر معالجة أزمة الدين العام أمرًا غاية في الأهمية لأنها:
وعاد الركابي وأكد أن ذلك مرتبط بعدة عوامل أهمها:
وذكر الركابي أن معالجة أزمة الدين العام لا تقتصر فقط على العوامل الداخلية في الاقتصاد البريطاني، وإنما لها علاقة بتعامل المملكة المتحدة مع ملفات الخارجية مثل: