لماذا نحن بحاجة إلى الأشجار؟

من تسلق الأشجار عندما كان طفلاً يعرف أن الأشجار رائعة، ليس فقط للتسلق بل لأنها تمنح الأكسجين والظل أيضا، وتوفر الخشب والفواكه، وتعد حليفا مهما في مكافحة أزمة المناخ. لهذا نحن بحاجة إلى الأشجار لأكثر من سببب.

ما هي الأشجار بالضبط؟ من الناحية البيولوجية: هي نباتات معمرة تمتلك جذعًا خشبيًا وفروعًا ويمكن أن تصبح طويلة جدًا. لكن الأهم من ذلك، أن الأشجار ضرورية لبقائنا كبشر. لأنها تقدم العديد مما يسمى بخدمات النظام البيئي. ووفقًا للتعريف، فإن هذه الخدمات هي "مساهمات مباشرة أو غير مباشرة للنظم البيئية في رفاهية الإنسان".

خدمات النظام البيئي التي تقدمها الأشجار

أشجار الفاكهة مثلا تزودنا بالغذاء: من التفاح والأفوكادو والتمر والمكسرات والزيتون إلى الحمضيات - وبالطبع العديد من الأصناف الأخرى. حتى بدون خشبها، من المحتمل أن البشرية لم تكن لتتقدم كثيراً. حتى المومياء الجليدية الشهيرة التي تعود إلى 5300 سنة، والتي تعرف باسم أويتزي، كانت تحمل قوساً مصنوعاً من خشب التاكسوس (Taxus baccata). كان الخشب ولا يزال يستخدم مادة أساسية في صنع الأثاث والآلات الموسيقية والورق والألياف النسيجية مثل الفيسكوز وأيضاً كوقود.

الأشجار توفر هواءً نقيًا ومياهًا جيدة وتقلل الضوضاء

لكي تنمو تقوم الأشجار بعملية التمثيل الضوئي. خلال هذه العملية، تمتص الأشجار غازثاني أكسيد الكربون (CO2) الضار بالمناخ من الهواء وتحوله بمساعدة ضوء الشمس إلى سكر. تحتاج الشجرة إلى هذا السكر كمصدر للطاقة لكي تنمو. ومنتج جانبي لعملية التمثيل الضوئي هو الأكسجين الذي لا يمكننا البقاء على قيد الحياة على كوكبنا من دونه. و تعتمد كمية الأكسجين التي تُنتج على نوع الشجرة وعمرها. تنتج الأشجار دائمة الخضرة الأكسجين بشكل مستمر، في حين تنتج الأشجار النفضية الأكسجين فقط عندما تكون محملة بالأوراق. وفقًا للعديد من المصادر، فإن شجرة الزان الناضجة قادرة على توفير الأكسجين لعشرة أشخاص سنويًا. كما تُصفّي أوراقها حوالي طن من الغبار والبكتيريا وأنواع الفطريات من الهواء سنويًا. الأشجار هي أيضًا مكيفات هواء طبيعية مثالية. بأوراقها توفر الظل، تحمي من الأشعة فوق البنفسجية، وتبرد محيطها. شجرة الزان تُبخّر يوميًا ما بين 400 إلى 500 لتر من الماء عبر أوراقها، مما يبرد محيطها بمقدار ثلاث إلى ست درجات. وعلى ذكر الماء: عبر جذورها تخزن الأشجار مياه الأمطار في التربة وتثبتها حتى في المنحدرات وخلال هطول الأمطار الغزيرة. وتقوم بترشيح مياه الأمطار، مما يساهم في توفير مياه جوفية نظيفة. كما تخفف عبر أوراقها من الضوضاء في المدن.

الأشجار المعمرة تمتص كميات هائلة من ثاني أوكسيد الكربون

الخشب ليس مجرد مادة خام متجددة، بل إنه يحتوي أيضًا على ثاني أوكسيد الكربون (CO2) الضار بالمناخ الذي تمتصه الأشجار من الهواء أثناء عملية التمثيل الضوئي. بالإضافة إلى ذلك، تخزن الأشجار الكربون في التربة عبر جذورها. وفقًا للتقديرات العلمية، يُحتجز حاليًا حوالي 4.3 مليار طن من CO2 في الغابات في ألمانيا وحدها. بالإضافة إلى ذلك، تزيل هذه الغابات حوالي 52 مليون طن من CO2 من الجو سنويًا. للمقارنة: في عام 2023 بلغت الانبعاثات العالمية من غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 الناتجة عن الوقود الأحفوري 36.6 مليار طن. تمتص بعض الأشجار CO2 أكثر من غيرها. فعلى سبيل المثال، تخزن أشجار الزان، وفقًا لمنظمة السلام الأخضر (Greenpeace)، خلال 100 عام ما يقرب من طن من CO2 أكثر من أشجار التنوب من نفس الحجم. وكلما تقدمت الشجرة في العمر، زادت قدرتها على امتصاص الكربون. عند حرق الخشب أو تحلله، تتسرب الغازات الدفيئة مرة أخرى إلى الجو.

بدون الأشجار لا طيور ولا سناجب والعكس صحيح!

كل شجرة توفر العديد من المواطن الصغيرة. يعيش على شجرة بلوط أو زان قديمة حوالي 200 نوع مختلف من الحشرات أو العناكب. هذه بدورها تكون طعامًا للطيور والخفافيش أو السناجب التي تجد أيضًا في الأشجار مواقع تعشيشها وأماكن نومها. بمعنى آخر: بدون الأشجار، من المحتمل أننا لن نتمكن من سماع تغريد الطيور أو مشاهدة السناجب. وبدون السناجب أو الطيور، ستنمو الأشجار بشكل أقل، لأنها تساهم في نشر ثمار الأشجار المختلفة.

الاستحمام في الغابة: كيف تقلل الغابة والأشجار من توترنا؟

لا يزال غير معروف بالضبط كيف يحدث ذلك، ولكن التواجد في الغابة - والمعروف حديثًا باسم "الاستحمام في الغابة" - يفيدنا كثيرًا. وفقًا للأبحاث العلمية، يمكن أن يكون له تأثير مضاد للاكتئاب ومخفف للتوتر، كما يمكنه تحسين وظائفنا الإدراكية وتقوية نظام القلب والأوعية الدموية وجهاز المناعة لدينا. يبدو أن جسمنا بأكمله يتحول إلى وضع التجديد في الغابة. ربما تكون المواد النباتية الثانوية، المعروفة باسم الفيتونزيدات، مشاركة في ذلك، حيث نتنفسها عبر الرئتين من هواء الغابة. في الدراسات قامت الفيتونزيدات بتثبيط نمو خلايا سرطان الكبد وزيادة نشاط الخلايا القاتلة الطبيعية في الإنسان، أي دفاعات جسمنا. على الرغم من أن الدراسات ليست قوية بما فيه الكفاية حتى الآن، إلا أن التأثير الإيجابي للغابة بأشجارها على صحة الإنسان تم قياسه كثيرا. وأخيرًا هناك رقمان قياسيان: يعتبر "هايبرون"، شجرة السيكويا الساحلية في كاليفورنيا الأعلى حاليًا بارتفاع 115.55 مترًا. وتعتبر شجرة التنوب على جبل فولو في السويد الأقدم، حيث يُقدر عمرها بـ9550 عامًا. أليست الأشجار رائعة؟

أعده للعربية: م.م

الكاتب: جانيت سفينك

2024-07-03T14:27:04Z dg43tfdfdgfd