ماكرون يشيد بشراء صربيا مقاتلات رافال: "تغيير استراتيجي"

أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الخميس في مستهل زيارته بلغراد أن شراء صربيا 12 مقاتلة فرنسية من طراز "رافال" هو "تغيير استراتيجي".

وقال ماكرون إن "اختيار صربيا مقاتلات رافال هو خيار واضح، وهو تحالف طويل الأمد بين بلدينا داخل أوروبا أقوى وأكثر سيادة"، مشددا على "التغيير الاستراتيجي" الذي يمثله هذا العقد بالنسبة لبلغراد التي كانت قواتها الجوية حتى الآن تتألف من طائرات ميغ روسية.

حافظت صربيا دائما على علاقات ودية مع روسيا، ولم تفرض أبدا عقوبات على موسكو منذ الحرب في أوكرانيا. 

وعندما سئل عن هذه الروابط، ومخاطر رؤية طائرات مقاتلة فرنسية يقودها جيش يحصل أيضا على إمدادات من موسكو وبكين، فضل ماكرون الإشادة بالعقد الموقع مع شركة داسو للطيران. وقال الرئيس الفرنسي "أرى الكثير من الناس الذين يلومون صربيا على وجود شراكات مع روسيا والصين، لماذا لا نهنئ أنفسنا عندما تكون الشراكة مع فرنسا رائعة؟".

من جهته قال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش إنه "ممتن للانضمام إلى نادي رافال المرموق"، مدافعا أيضا عن لعبة التوازن بين الشرق والغرب. وقال "أنا فخور بالسياسة الخارجية الصربية"، مضيفا "أعلم أن إيمانويل (ماكرون) يريد أن نفرض عقوبات على روسيا، وأعلم أنه يرغب في ذلك. لكننا لم نفعل هذا، ونحن لا نخجل بذلك"، مذكرا بأن صربيا أرسلت مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا واعترفت بـ"سلامة أراضيها".

وقال فوتشيتش، بعد التوقيع مباشرة، إن طائرات رافال الاثنتي عشرة ستكلف 2,7 مليار يورو، وينبغي أن تحل محل أسطول الجيش الصربي القديم من طائرات ميغ الروسية بحلول عام 2029.

وفي حديثه لوكالة فرانس برس، أوضح فوتشيتش أن كل "الطائرات الاعتراضية" الصربية تقريبا و"كل الطائرات المقاتلة" الصربية مصدرها روسيا. وقال "علينا أن نتطور ونغير عاداتنا وكل شيء آخر من أجل إعداد جيشنا".

وخلال مؤتمر صحافي، قال ماكرون "إن مكان صربيا في الاتحاد الأوروبي، ولها دور مهم تؤديه ويمكن أن تكون مثالا يحتذى في المنطقة بأسرها. ونحن مصممون على مواصلة دعم كل الجهود في مجال تعزيز قوتكم الاقتصادية والإصلاحات الاقتصادية وتحسين الحياة اليومية وسيادة القانون". 

وصل ماكرون إلى صربيا الخميس في زيارة تستغرق يومين، تعتزم خلالها باريس إتمام بيع 12 طائرة مقاتلة فرنسية من طراز رافال إلى هذه الدولة البلقانية التي تحافظ على علاقات ودية مع روسيا.

واستقبل فوتشيتش نظيره الفرنسي لدى نزوله من الطائرة، وأجريا محادثات قبل مؤتمر صحافي مشترك مساء.

ويجري ماكرون هذه الزيارة رغم الأزمة السياسية التي تشهدها فرنسا، إذ يجب أن يعيّن رئيسا جديدا للحكومة في الأيام المقبلة.

وفي مقابلة مع فرانس برس الأربعاء، أبدى الرئيس الصربي تفاؤله بتوقيع هذا "العقد الضخم". وقال "يمكن لصربيا أن تصبح عضوا في نادي رافال".

وكان قد أشار إلى أن بلاده مستعدّة لدفع ثلاثة مليارات يورو.

غير أن هذه المسألة تبقى حساسة، إذ إن بلغراد المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي منذ العام 2009 تحافظ على علاقات مع موسكو رغم غزو أوكرانيا، ولم تفرض عقوبات على روسيا منذ بداية الحرب عام 2022.

وتطرح فرنسا هذه المسألة، مشيرة إلى منطق "تقارب صربيا مع الاتحاد الأوروبي". وترى باريس أنه يمكن لبلغراد أن تتخذ "الخيار الاستراتيجي" المتمثل في "التعاون مع دولة أوروبية" لتجديد أسطولها.

من جهته، قال جان نويل بارو وزير الشؤون الأوروبية المستقيل في تصريحات لإذاعة فرانس إنفو صباح الخميس، إنّه إذا لم تحل فرنسا محل روسيا عبر طائرات "رافال مثلا"، فإن صربيا "الواقعة في وسط الاتحاد الأوروبي ستصبح مدخلا لعدم الاستقرار في قارّتنا ولكل الأنظمة الاستبدادية من روسيا إلى الصين". وسيرافق بارو الرئيس الفرنسي في زيارته وكذلك الرئيس والمدير التنفيذي لشركة داسو للطيران إريك ترابييه.

- "تعزيز حكم القانون" -

بالنسبة إلى فوك فوكسانوفيتش من مركز السياسة الأمنية وهو مركز أبحاث آخر في العاصمة الصربية، فإنّ "فوتشيتش يبحث عن حلّ لاستبدال طائرات ميغ القديمة".

ويقول "كرواتيا المجاورة التي تملك طائرات رافال الخاصة بها، سيكون لها تفوّق جوي في غرب البلقان. ولا يمكن لغرور فوتشيتش أن يسمح بقبول ذلك". ويضيف "يعتقد أنه من خلال شراء طائرات رافال وهي منتج باهظ جدا لصناعة الأسلحة الفرنسية، فإنه سيشتري الحماية السياسية...".

لم يشر البلدان إلى أي أطراف معارضة للصفقة.

وتؤيّد فرنسا رسميا انضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يدافع عنه فوتشيتش منذ فترة طويلة رغم مخاوف أعرب عنها السكان.

وكرّر ماكرون في رسالة نُشرت صباح الاثنين في الصحافة الصربية، أنّ لبلغراد "مكانها الكامل" داخل الاتحاد الاتحاد الأوروبي.

وكتب الرئيس الفرنسي "أعود اليوم إلى صربيا حاملا رسالة (تؤكد) أن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء بحاجة إلى صربيا قوية وديموقراطية إلى جانبهم وصربيا بحاجة إلى اتحاد أوروبي قوي وذي سيادة للدفاع عن مصالحها وتعزيزها". 

بعد ثمانية أشهر من الانتخابات التشريعية الصربية التي شابها تزوير وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والبرلمان الأوروبي، والتي فاز فيها الحزب الرئاسي، يعتقد الإليزيه أن عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يجب أن تدفع بلغراد إلى "تعزيز حكم القانون". 

من جهة أخرى، سيدعو ماكرون صربيا إلى "تطبيع العلاقات مع كوسوفو"، الأمر الذي يعدّ "جزءا لا يتجزّأ" من هذا "التقارب" مع الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

ومنذ استقلال كوسوفو عام 2008 الذي لم تعترف به صربيا على عكس كثير من الدول الغربية، فشلت كل محاولات التهدئة والحوار.

وإضافة إلى طائرات رافال، تجري صربيا مناقشات مع شركة الكهرباء الفرنسية (EDF) بشأن الطاقة النووية المدنية.

دس-ففف-مب/ناش-س ح/ب ق-جص

2024-08-29T09:46:38Z dg43tfdfdgfd