مع امتلاء المستشفيات.. كنيسة في غزة تتحول إلى عيادة لعلاج الجرحى والمرضى

من داود أبو الكاس

غزة (رويترز) - بعد تسعة أشهر من العمليات العسكرية الإسرائيلية التي قوضت النظام الصحي في قطاع غزة الفلسطيني، حوَل قساوسة كنيسة القديس فيليب في مدينة غزة كنيستهم إلى عيادة طبية.

وكانت هذه الكنيسة قبل الحرب بمثابة ملاذ يتعبد فيه أعضاء المجتمع المسيحي الصغير في القطاع.

وتصطف أسرّة بجانب جدران حجرية شاحبة تحت سقف مقبب، بينما يتولى أطباء رعاية المرضى الذين لا يجدون مكانا في المستشفى الأهلي العربي الذي تديره الكنيسة الأنجليكانية والذي يعاني، كغيره من المرافق الطبية الأخرى المتبقية في غزة، من ضغوط شديدة بسبب زيادة الطلب على خدماته.

وقال القس منذر إسحاق وهو يرتدي قميصا أسود "المصليات داخل المستشفيات وبالتحديد في المستشفى الإنجيلي العربي، مكان الصلاة اللي كان مخصص للصلاة، طبعا تم تحويله إلى عيادة لعدم توفر أماكن. اليوم إحنا الأولوية هي إنقاذ حياة كل إنسان نستطيع إنقاذ حياته. فبالتالي المستشفى الإنجيلي العربي، شأنه شأن جميع المستشفيات، يقوم بكل الجهود الممكنة ضمن المقومات المحدودة جدا المتوفرة للمستشفيات والعيادات في غزة".

ووقف رجل بجانب سرير أحد المرضى المسنين للتهوية عليه بقطعة ورق مقوى يمسكها بيده. وكان المريض المسن واضعا قناع أكسجين على فمه.

وتبدو الصلبان منحوتة على جدران قاعة الصلاة سابقا في عيادة القديس فيليب الواقعة في نفس مجمع المستشفى الأهلي العربي التابع للكنيسة الأنجليكانية أيضا.

وقال الطبيب محمد الشيخ، الذي يعمل بعيادة كنيسة القديس فيليب، لتلفزيون رويترز "طبعا من بداية افتتاحنا للمستشفى المعمداني، طبعا لا يوجد أماكن لإدخال المرضى إلى الأقسام فاضطررنا إلى جعل (تحويل) هذا المكان الذي هو مكان لعبادة المسيحيين هنا في غزة إلى قسم مبيت للباطنة، وأيضا لنقص المستلزمات استخدمنا كراسي العبادة كأسرّة للمرضى".

وبدأت الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول عندما اقتحم مقاتلون من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وفصائل أخرى السياج الحدودي لمداهمة تجمعات سكنية ومواقع عسكرية في إسرائيل، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز نحو 250 كرهائن، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.

وبدأ في نفس اليوم الهجوم الإسرائيلي على غزة ردا على ذلك بقصف مستمر منذ نحو تسعة أشهر إلى جانب غزو بري تقول السلطات الصحية الفلسطينية في القطاع إنه أدى إلى مقتل أكثر من 38 ألف شخص وإصابة أكثر من 80 ألفا.

وأدى العدد الكبير من المصابين جراء الصراع إلى تفاقم المرض المتفشي وسوء التغذية بين 90 بالمئة من سكان غزة الذين تقول الأمم المتحدة إنهم أصبحوا بلا مأوى، مما يشكل ضغطا هائلا على النظام الصحي في القطاع.

كما أدت الحملة العسكرية الإسرائيلية إلى توقف العديد من المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى عن العمل، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، وتسببت في نقص كبير في الإمدادات الطبية اللازمة.

وتنفي إسرائيل تعمد استهداف المرافق الصحية أو منع وصول الإمدادات الطبية إلى غزة.

وقال أبو محمد أبو سمرة الذي يرافق والدته المريضة التي تتلقى العلاج في عيادة القديس فيليب "في هذه الكنيسة اللي خرجت عن دورها العبادة، الآن هي لدور التمريض ودور الاستشفاء، ونتلقى فيها يعني أدنى خدمة طبية بما هو متوفر الآن في شمال غزة، يعني أدنى خدمة بما هو متاح من متطلبات للمريض في شمال غزة، وهذا إن دل على شيء بيدل يعني على التلاحم بين المسلمين والمسيحيين في قطاع غزة".

وبينما يوجد عدد كبير من السكان المسيحيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، فإن المجتمع المسيحي صغير جدا في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس منذ عام 2006.

وخارج أسوار كنيسة القديس فيليب ومجمع المستشفى الأهلي العربي، تسير الحياة على طبيعتها في غزة، وتظهر بجلاء الأضرار الناجمة عن الحرب في شارع مزدحم بينما كان رجل يمر بدراجته.

(إعداد محمد محمدين للنشرة العربية - تحرير محمود رضا مراد)

2024-07-04T17:48:35Z dg43tfdfdgfd