من مهيمنة إلى مهانة في ساحة المعركة.. هل يمكن إعادة مجد الدبابات؟

من مهيمنة إلى مهانة في ساحة المعركة، تحول مثير في مصير الدبابات، كان مدفوعًا بصعود الطائرات بدون طيار، مما دفع الجيوش إلى تغيير التكتيكات وإضافة الدفاعات إلى المركبات المدرعة القوية.

فبينما كانت الدبابات ذات يوم ملكة في ساحة المعركة، جعلتها الطائرات بدون طيار، هدفًا سهل الرصد لـ«ضخامته» فبات استهدافها في غضون دقائق، أمرًا لا مفر منه.

ذلك الوضع، عرض العشرات من الدبابات الغربية المتطورة إلى التلف أو التدمير أو الاستيلاء في أحداث نادرة، شهدتها المعركة في أوكرانيا.

وتعد الدبابات أكثر عرضة للطائرات بدون طيار من المركبات المدرعة الأخرى بسبب حجمها الهائل وأبراجها الكبيرة، والتي يكون الجزء العلوي منها مدرعًا بشكل رقيق. كما أن مدافع الدبابة غير مناسبة لإسقاط الطائرات بدون طيار، وعادة ما تحمل المركبات 30 إلى 40 قذيفة فقط.

وتمثل الطائرات بدون طيار تهديدًا جديدًا أقل تكلفة من الأعداء التقليديين للدبابات، مثل الطائرات أو الصواريخ المضادة للدبابات. ويمكن لطائرات المراقبة بدون طيار أن تسمح لهؤلاء الأعداء القدامى بتوجيه أفضل نحو تشكيلات الدبابات.

هل يمكن إعادتها لسابق عهدها؟

في محاولة لتحقيق ذلك الهدف، تعمل الجيوش على إضافة التكنولوجيا إلى الدبابات لرصد الطائرات بدون طيار والحماية منها، في حين تدرس -أيضاً- إدخال تغييرات على التصميم لجعل المركبات الثقيلة المدرعة أكثر قدرة على المناورة.

وبحسب صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن تكتيكات ساحة المعركة تغيرت بالفعل، بعد دمج الدروس المستفادة من المعركة في أوكرانيا في ساحات التدريب.

وأشارت إلى أنه من بين التعديلات التي تجرى على الدبابات لحمايتها من الطائرات بدون طيار، بناء أقفاص معدنية حول برج الدبابة، بعضها يرتفع مثل الحصون المصغرة.

وقال الجنرال جيمس ريني، الذي يرأس قيادة المستقبل في الجيش الأمريكي، والتي تبحث في سبل تجهيز الجيش وتحويله: «في الأمد القريب، نحن بحاجة ماسة إلى إجراء بعض التعديلات بشكل عاجل للحفاظ على قدرة تشكيلاتنا المدرعة على البقاء».

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن إعادة التفكير هذه تشكل علامة أخرى على الكيفية التي تعمل بها الطائرات بدون طيار على إعادة تشكيل الحرب، مشيرة إلى أن تكييف الدبابات مع عصر الطائرات بدون طيار يشكل أهمية حيوية إذا كانت الجيوش الغربية، التي وضعت بعضها هذه المركبات في قلب استراتيجيتها البرية لعقود من الزمان، راغبة في الحفاظ على تفوقها في الحرب التقليدية.

وأشارت إلى أن الدبابات تكيفت مع خصوم جدد من قبل، بما في ذلك الطائرات والصواريخ المضادة للدبابات.

وتحاول الولايات المتحدة العثور على معادن أخف وزناً لدباباتها في محاولة لجعلها أكثر قدرة على المناورة. ويبلغ خزان الوقود في الدبابة أبرامز 500 جالون، وتحتاج إلى عدة جالونات فقط لبدء التشغيل، مما يجعلها عملاقاً في ترسانة الولايات المتحدة.

وقال دوج بوش، مساعد وزير الجيش الأمريكي لشؤون المشتريات واللوجستيات والتكنولوجيا، إن هناك جهوداً جارية أيضاً لجعل الدبابات أكثر صعوبة في الكشف عنها، من تغيير طريقة طلائها إلى تقليل توقيعاتها الإلكترونية.

وتقول شركة ساب السويدية إنها تشهد اهتماما كبيرا بشبكة التمويه التي تقدمها والتي تلتف حول جميع أجزاء الدبابة، مما يجعل رؤيتها أكثر صعوبة ويخفي جزئيا الحرارة المنبعثة من المركبات.

وتعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها أيضا على إضافة تدابير مضادة جديدة إلى العديد من دباباتهم. وتشمل هذه التدابير نظاما إسرائيليا يسمى «القبضة الحديدية»، والذي يطلق ذخائر متفجرة صغيرة عندما يكتشف تهديدات جوية.

وتسعى الجيوش الغربية إلى جعل الدبابات أكثر قدرة على المناورة لتقليل التهديد الذي تشكله الطائرات بدون طيار.

ولقد أصبحت مثل هذه الأجهزة للحرب الإلكترونية، التي تشوش الإشارات التي توجه الطائرات بدون طيار، مما يجعلها عديمة الفائدة في الغالب، ضرورية على الدبابات.

كيف فشلت في أوكرانيا؟

رغم أنها ساعدت القوات الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة، في اجتياح منطقة كورسك الروسية، إلا أنها قوبلت بمجندين مسلحين بشكل خفيف مع القليل من غطاء الطائرات بدون طيار، مما جعل كييف المجهزة بأفضل الدبابات الغربية عاجزة في ساحة المعركة.

فعندما قيل لأفراد طاقم اللواء الميكانيكي 47 في أوكرانيا العام الماضي أنهم سوف يحصلون على دبابة أبرامز، كانوا يأملون أن تسمح لهم الآلة الأمريكية باختراق الخطوط الروسية أخيرًا.

إلا أنه من بين 31 دبابة أبرامز أرسلتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا، دمرت ست منها، وفقًا لـ«أوركس»، وهو فريق مستقل من المحللين يتتبع الخسائر. وتُستخدم دبابات أخرى الآن بشكل نادر.

وبحسب شركة أوريكس، فإن 12 دبابة من أصل 18 دبابة ليوبارد ألمانية الصنع من بين الدبابات الغربية الأخرى التي أرسلت إلى أوكرانيا تعرضت للتدمير أو التلف. ويقول المحللون إن روسيا تكبدت أيضًا خسائر فادحة في الدبابات.

فـ«بمجرد أن تصل إلى الطريق، تراك طائرة بدون طيار ثم يتم قصفك بالمدفعية والألغام والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات بدون طيار والقنابل الجوية الموجهة»، كما قال السائق الأوكراني لواحدة من دبابات أبرامز التي تحمل علامة النداء سميليك.

في بداية الحرب، كان القادة يحرصون على إخفاء دباباتهم ومركباتهم المدرعة الأخرى عن طريق حفر الخنادق وإخفائها. ثم يخرجون منها لإطلاق النار.

وقال لوبومير ستاخيف، وهو رقيب أول في لواء آخر: «الآن أصبح كل شيء تحت المراقبة، لذا لا يمكنك حتى حفر حفرة للاختباء»، مضيفًا أنهم في هذه الأيام يبقون خارج نطاق الطائرات بدون طيار ويتحركون إلى مواقع لضرب العدو.

فيما قال أنطون هافريش، قائد سرية دبابات مجهزة بدبابات ليوبارد، إن مهارة قائد الدبابات كانت تتحدد في السابق من خلال قدرته على مبارزة الدبابات وحماية المشاة، لكن الأمر الآن يتعلق بالقدرة على إطلاق النار خفية والتراجع بسرعة.

2024-09-15T00:25:52Z dg43tfdfdgfd