بينما امير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسير مع احد رجاله يتفقد احوال رعيته، سمع بائعة حليب تطلب من ابنتها اضافة ماء على الحليب حتى تزيد كميته ويزيد البيع والربح، وامير المؤمنين لايرانا في هذا المكان كما تقول الأم، استغربت البنت كلام امها وقالت يا اماه ان كان امير المؤمنين لا يرانا فإن رب امير المؤمنين يرانا، وهو سبحانه في علياء السماء سمع الفاروق عمر رد البنت على والدتها فتعجب من امانتها ومخافتها من الله وكان نصيبها الزواج بعاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
موقف بنت بائعة الحليب مع والدتها درس لكل فاسد ومرتش ومزور وفاقد ضمير في كل عمل يقوم به نحو الوطن والمواطن عاث في الارض فسادا دون مخافة من خالقه.
لدينا الكثير من المخلصين الشرفاء في كل عمل يقومون به، ولدينا اصحاب ضمائر يخافون الله بالسر قبل العلن وعقول قادرة على الابداع والانجاز في كل ميادين الحياة الكويتية، لدينا من الخبرات والتجارب لابناء الوطن ما نرى في انجازاتهم شوارع خالية من الحفر وتطاير الحصى، ومشاريع كبيرة تطرب لها العيون وبتكاليف بعيدا عن السرقة والرشوة، ولدينا اناس يسعون الى المال الحلال في اعمالهم وتعاملهم مع الدولة ويرفضون التزوير وتجارة الاقامات والرشوة، لدينا كل هذه النماذج المخلصة والنزيهة في اعمالها، لكن مشكلتنا في حكوماتنا المتعاقبة في اكثر من عقد من الزمان، وفي بعض النواب الذين لا يرون في الرقابة التشريعية سوى مصالحهم الانتخابية وضمان البقاء على الكرسي الاخضر.
ولدينا رجال دولة لو فتحت لهم حكوماتنا المتعاقبة المجال للعمل بالشوارع والمشاريع الكبرى وحتى في قيادة الاعمال لما رأينا تطاير الحصى ولا الحفر، ولا رحنا نركض وراء الشركات الاجنبية لانقاذ شوارعنا مما تعانيه، ولما رأينا جهازنا الوظيفي في حالته المزرية.
إن الكويت في حاجة الى حكومة قادرة على ردع كل فاسد ومزور مهما كان موقعه ونفوذه، حكومة تجعل عدالة القانون سيفا على كل فاسد يخون امانة العمل في كل المشاريع والاسواق، وردع كل مزور للجنسية، وهذا ما تريده الكويت، ولو كانت لدينا عيون حمراء تضرب بسيف العقوبة والقانون كل مقاول خان امانة الانجاز، وكل تاجر اقامات وكل تاجر مخدرات وكل منتحل لشخصية امنية وغيرها لما كانت هذه حالنا اليوم، واما من هم على شاكلة ابنة بائعة الحليب فهم يبكون كحال المخلصين الشرفاء على ما يحدث في الكويت من تراجع وفساد.
● نغزة
صديق تعثر ببلاط في الشارع وهو في بريطانيا واصيب بكدمات نقلوه الى المستشفى والمراجعة لعدة ايام وحين طلب فاتورة العلاج قالوا له كل التكاليف تدفعها الشركة التي نفذت الطريق لانها تسببت بسقوطك لانها لم تخلص في تنفيذ بلاط الطريق بالصورة المطلوبة، فهل يأتي اليوم الذي نرى فيه مثل هذا التصرف ببلدنا؟ طال عمرك.
يوسف الشهاب