الإمارات وأميركا.. ضرورة مراجعة المواقف

السياسات الأميركية تحت مجهر مراجعة دولية ليس لدى حلفائها العرب فحسب، بل إن حلفاءها في مناطق أخرى من العالم يجرون تدقيقا أفضى إلى اليابان، وهي أحد أهم الحلفاء أن تتخذ إجراءات عملية بتغيير عقيدتها الدفاعية لتكون أكثر اعتمادا على ذاتها لمواجهة التهديدات الأمنية والتحديات التي فرضها التحول في النظام الدولي بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك العرب الذين بدورهم استضافوا الرئيس الأميركي في محاولة ترميم للعلاقات التي تأثرت بلا أدنى شك من المواقف الأميركية تجاه الالتزامات بأمن المنطقة.

قدمت دولة الإمارات جهدا كبيرا في مكافحة الإرهاب وأظهرت صرامتها في التعامل مع أحد الملفات المهمة، بل إنها قادت المنظومة العربية لمواجهة مفتوحة ضد التنظيمات الإرهابية وكانت في مقدمة التحالف الدولي للقضاء على تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، كما أنها شكلت القوة الضاربة في اجتثاث العناصر المتطرفة في اليمن وما نجاحاتها في الجنوب العربي غير شهادة واضحة على أفعالها التي أثمرت استقرارا أمنيا يشاد به في كل المحافل الدولية، هذا الجهد العملي لم يكن غير وفاء بالتزام سياسي وأخلاقي قدمته الإمارات على مدار سنوات أكدت في مكانتها وحضورها في النظام الدولي.

الولايات المتحدة حصلت من بعد اتفاق (البترودولار) على منافع حققت القوة النقدية للعملة الأميركية وأسهمت في تمكين واشنطن من توسيع نفوذها السياسي والاقتصادي حول العالم، أوفت الدول النفطية بالتزاماتها برغم تقلبات الأسواق المالية والنفطية وتذبذبات أسواق الطاقة على مر العقود الماضية، هذا الوفاء وإن قابله الأميركيين بموقف يحسب لها كحليف في حرب الخليج الثانية عام 1991 غير أن اضطرابات السياسات الأميركية من بعد 2001 وما حملته عقيدة الرئيس باراك أوباما المترددة التي وصفها بنفسه بتعليقه هذا: "إننا سنشارك، لكننا نحافظ على كل قدراتنا"، هذا هو عين الاضطراب الذي أفقد عند الحلفاء جزء من الثقة في الحليف الأميركي.

الاتفاق النووي مع إيران في 2015 كان بمثابة كسر في جدار الثقة مع الولايات المتحدة حاول ترامب إصلاحه بعد الانسحاب من الاتفاق، لكنه لم يستطع في واقع الحال أن يرمم ما هدم بل إنه أكد على حالة اضطراب سياسات البيت الأبيض، وفي عهد بايدن وقعت هجمات مباشرة على منشآت حيوية في الإمارات والسعودية أكدت على الشكوك القائمة مع الإدارة الأميركية التي ترددت سياسيا وعسكريا فكانت ردة الفعل لا توازي الحوادث الإرهابية الجسيمة التي أضرت بالحلفاء.

لم يأت الانسحاب الإماراتي من تحالف القوة البحرية الموحدة الذي تقوده الولايات المتحدة في الشرق الأوسط إلا في إطار التقييم المستمر للعلاقة مع واشنطن، اختطاف السفن التجارية وتكرارها في مياه الخليج العربي مع استمرار تدفق توريد الأسلحة للحوثيين في اليمن واكتفاء الأسطول الأميركي الخامس بإعلانات الضبط للشحنات المهربة، ليتلوها كل مرة بيانات شجب وتنديد من الخارجية الأميركية ما هي إلا ذر رماد في العيون لن يجدي مع مواصلة المماطلة بوضع حد لملف الاتفاق النووي وتحديد العلاقة مع إيران، البقاء على خط التوترات يعني أن تبقى منطقة الشرق الأوسط مهددة دائما بحرب مفتوحة بسبب هذه السياسات الأميركية غير المفهومة.

يصف الأميركيون الإماراتيون أنهم صادقون، وأنهم، القيادة الإماراتية، تقول في الغرف المغلقة ما تتحدث به في العلن على غير البقية، لذلك تصنف مراكز القرار الأميركي كما هي الدولية الشيخ محمد بن زايد على أنه زعيم المنطقة الأقوى، وضوح الإمارات يقودها لتبدي غضبها من السياسات غير واضحة المعالم، فكما توفي أبوظبي بما عليها تريد أن يوفي الآخرون مهما كانوا بما عليهم.

2023-06-03T09:42:00Z dg43tfdfdgfd