البريطانيون يصوتون في انتخابات يُتوقع أن تصعد بحزب العمال إلى السلطة

من كيت هولتون

لندن (رويترز) - بدأ البريطانيون يوم الخميس الإدلاء بأصواتهم في انتخابات برلمانية من المتوقع أن تصعد بحزب العمال بزعامة كير ستارمر إلى السلطة وتطيح بحزب المحافظين الذي ينتمي له رئيس الوزراء ريشي سوناك من سدة الحكم بعد 14 عاما غلب عليها الاضطراب.

وتضع استطلاعات الرأي حزب يسار الوسط الذي يتزعمه ستارمر على طريق تحقيق فوز ساحق، لكنها تشير أيضا إلى أن كثيرين من الناخبين يريدون ببساطة التغيير بعد فترة من التناحر والاضطراب في عهد المحافظين تغير فيها خمسة رؤساء وزارة خلال ثمانية أعوام.

وهذا يعني أن ستارمر، المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان والبالغ من العمر 61 عاما، قد يتولى المنصب وعلى مكتبه واحدة من أكبر قوائم المهام في التاريخ البريطاني لكن دون قوة دعم كبيرة أو الموارد المالية اللازمة لإنجاز تلك المهام.

وقال ستارمر للناخبين في بيان يوم الخميس "اليوم، بوسع بريطانيا بدء فصل جديد... لا نستطيع تحمل خمس سنوات أخرى من حكم المحافظين. التغيير لن يحدث إلا إذا أدليتم بأصواتكم لصالح حزب العمال".

وفتحت مراكز الاقتراع وعددها 40 ألف مركز أبوابها في الساعة 0600 بتوقيت جرينتش.

وكان سوناك (44 عاما) من بين الذين أدلوا بأصواتهم مبكرا. واُلتقطت له صور وهو يغادر مركز اقتراع في دائرته الانتخابية في ريتشموند بشمال إنجلترا، ممسكا بيد زوجته أكشاتا مورتي.

وبعد أن دعا سوناك إلى إجراء انتخابات قبل أشهر من الموعد المتوقع، تخلى في الأسابيع القليلة الماضية عن دعوته لتحقيق فوز المحافظين الخامس على التوالي، وتحول إلى التحذير من مخاطر وجود حزب العمال بلا منازع في البرلمان.

وحذر سوناك الناخبين في يوم الإدلاء بأصواتهم قائلا إن حكومة حزب العمال ستزيد الضرائب وتعرقل التعافي الاقتصادي وتترك بريطانيا أكثر عرضة للخطر في وقت التوتر الجيوسياسي، وهو ما ينفيه حزب العمال.

وقال سوناك يوم الخميس "سيلحقون أضرارا دائمة ببلدنا واقتصادنا، تماما كما فعلوا في المرة السابقة التي تولوا فيها السلطة... لا تدعوا ذلك يحدث".

ومن المقرر أن تغلق مراكز الاقتراع أبوابها الساعة العاشرة مساء (2100 بتوقيت جرينتش) وحينها ستظهر نتائج لاستطلاعات آراء الناخبين عند خروجهم من مراكز الاقتراع وهي أول إشارة للنتيجة. ومن المتوقع ظهور النتائج الرسمية التفصيلية في الساعات الأولى من يوم الجمعة.

* معاقبة الحكومة

إذا كانت استطلاعات الرأي صحيحة، ستحذو بريطانيا حذو الدول الأوروبية الأخرى في معاقبة حكوماتها بعد أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة الناجمة عن جائحة كوفيد-19 والغزو الروسي لأوكرانيا. وعلى خلاف فرنسا، يبدو أنها ستنتقل إلى يسار الوسط وليس إلى اليمين المتطرف.

وحقق حزب العمال تقدما في استطلاعات الرأي تراوح بين 15 و20 نقطة بعد قليل من اختيار مشرعي حزب المحافظين سوناك في أكتوبر تشرين الأول 2022 ليحل محل ليز تراس التي استقالت بعد 44 يوما في المنصب، مما أدى إلى انهيار سوق السندات وانهيار الجنيه الاسترليني.

وتتنبأ نماذج استطلاعات الرأي بأن يمضي حزب العمال نحو تحقيق واحد من أكبر الانتصارات الانتخابية في تاريخ بريطانيا، مع أغلبية محتملة في البرلمان قد تتجاوز تلك التي حققها توني بلير أو مارجريت ثاتشر، على الرغم من أن عددا كبيرا من الناخبين لم يحسموا أمرهم بعد، وقد تكون نسبة المشاركة منخفضة.

وما كان لمثل هذه النتيجة أن تخطر ببال أحد في الانتخابات البريطانية السابقة في 2019 حين حقق بوريس جونسون فوزا كبيرا لحزب المحافظين، وحين توقع سياسيون أن يمكث الحزب في السلطة 10 سنوات على الأقل مع نهاية حزب العمال.

وتولى ستارمر، المدعي العام السابق في إنجلترا وويلز، قيادة حزب العمال من الاشتراكي المخضرم جيريمي كوربين بعد أن تعرض لأسوأ هزيمة منذ 84 عاما في عام 2019، وأعاده إلى الوسط.

في الوقت نفسه، انهار حزب المحافظين في وستمنستر، وعصفت بسمعته فضيحة في عهد جونسون وضغينة أعقبت التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وعدم القدرة على تلبية مطالب قاعدة ناخبيه الواسعة في عام 2019.

ودمر جونسون سمعة الحزب المتعلقة بالنزاهة، ونالت تراس من مصداقيته الاقتصادية الراسخة لتترك لسوناك مهمة تثبيت السفينة. وفي فترة وجود سوناك في المنصب عاد التضخم إلى المستوى المستهدف انخفاضا من أعلى مستوى منذ 41 عاما عند 11.1 بالمئة، وحسم بعض التوترات المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، دون أن يطرأ تغير على استطلاعات الرأي.

ووقعت حملة سوناك الانتخابية في سلسلة من الهفوات. فقد أعلن التصويت وسط هطول أمطار غزيرة، وأثار خروجه المبكر من الاحتفال بذكرى يوم الإنزال في نورماندي بفرنسا غضب المحاربين القدامى، وأعادت مزاعم المقامرة الانتخابية بين مساعديه إشعال الحديث عن الفضيحة.

كما أدى الوصول غير المتوقع لنايجل فاراج لزعامة حزب الإصلاح اليميني إلى تآكل أصوات المحافظين، في حين من المتوقع أن يحقق الديمقراطيون الأحرار من الوسط نتائج جيدة في المعاقل الغنية للحزب بجنوب إنجلترا.

* وعد بالتغيير

قد يستفيد ستارمر أيضا من انتعاش حزب العمال في اسكتلندا بعد أن مضى الحزب الوطني الاسكتلندي على درب التدمير الذاتي في أعقاب فضيحة تمويل.

لكن حظوظ ستارمر قد تخضع لاختبارات أشد عسرا في داونينج ستريت.

وقامت حملته حول وعد من كلمة واحدة وهي "التغيير"، مستغلا الغضب من حالة الخدمات العامة المنهكة وانخفاض مستويات المعيشة. لكن لن يكون في يده إلا القليل من الأدوات التي يمكنه استخدامها، لأنه من المتوقع أن يبلغ العبء الضريبي أعلى مستوى منذ عام 1949، وأن يعادل صافي الدّين تقريبا الناتج الاقتصادي السنوي.

ودأب ستارمر على التحذير من أنه لن يستطيع إصلاح أي شيء بسرعة، ويسعى حزبه لخطب ود مستثمرين دوليين للمساعدة في مواجهة التحديات.

ودفع سوناك بأن الأشهر العشرين التي قضاها في المنصب وضعت الاقتصاد على طريق صاعد ويجب ألا يُسمح لحزب العمال بتعريض ذلك للخطر.

(شارك في التغطية وليام شومبرج وسارة يونج - إعداد محمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين)

2024-07-04T13:03:56Z dg43tfdfdgfd