بين طفل التوحد والمرايا علاقة غريبة، فكما يحبّ عدد كبير من الأطفال المصابين بالتوحّد النظر الى المرآة، يتعلّقون أيضًا بأشخاص مقرّبين لهم.
كان الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة أن الأطفال المصابين بالتوحد لا يتعلّقون بأحد. ويعود السبب الى أن هؤلاء الأطفال يظهرون اختلافات، بشكل رئيسي على المستويات الاجتماعيّة، اللّغويّة والسلوكيّة، ولكن أيضًا بسبب حساسيتهم للمس والروائح. وبالتالي، فإنّهم لا يرون الأشياء كما نراها نحن. فبعد أن شرحنا في مقال سابق عن أسباب التوحد عند الطفل وطرق التعامل معها، نُخصّص هذه المقالة للحديث عن التّعلّق لدى الطفل المصاب بالتوحّد، لماذا يتجنّب بعض الأمور وكيف نُشجّع الروابط معه.
تحدّثنا في مقالات سابقة عن العلامات التي قد تدلّ على التوحّد لدى الأطفال من عمر مبكر، ولكن اذا توضّحت أسباب هذه التصرّفات، سيسهل التعامل معها. اليك توضيحات لبعض هذه السلوكيات:
مصدر الصورة: Freepik
إنّ تصوّرات الأطفال المصابين بالتوحد، دفعت الناس إلى الاعتقاد بأن هؤلاء الأطفال لا ينخرطون في السلوكيات الاجتماعيّة لمجرّد أنهم يتجنّبون التواصل كالآخرين. وكان الاعتقاد السائد حينها أن التفضيلات التي طوروها تجاه أشخاص معينين من حولهم كانت نفعية فقط، وفضّلوهم ببساطة لأنهم يُلبّون احتياجاتهم.
ولكن الباحثون في مجال التوحد أدركوا مؤخّرًا أن الأطفال المصابون بالتوحّد أو بطيف التوحّد يتعلّقون بنفس الطريقة التي يتعلّق بها الأطفال غير المصابين بأشخاص معيّنين. ويشعرون بمزيد من الأمان لوجودهم. وعند شعورهم بالثقة تجاه شخص ما، يصبحون قادرين على استكشاف المزيد برفقته، ويصبح لديهم اليقين بأن هذا الشخص سيكون قادرًا على حمايتهم في حال وجود خطر، حقيقي أو من وحي تصوّراتهم. يمكنهم أيضًا اظهار الحزن لدى الابتعاد عن هذا الشخص وإظهار الفرح عند عودته حتّى اذا كان ذلك لا يتعدّى نظرة جانبية من بعيد.
إنّ الأطفال الذين لديهم نوع من التعلّق أكثر قدرة على إعادة خلق هذا الأمان مع أشخاص آخرين. في البداية، سوف يقومون بتطوير هذا مع الأم، وصولًا الى إخوتهم ومعلميهم وأصدقائهم.
من الواضح أن تلبية الاحتياجات الأساسية، والتي تشمل الحاجة إلى الأمان الجسدي (المنزل، النوم، الطعام والشراب) والحاجة إلى الانتماء والحب، تعتبر أمرًا ضروريًا. كما يُعتبر وعي الأم عاملاً رئيسيًا وضروريًا في تطوير رابطة التعلّق الآمنة بينها وبين الطفل وتصبح أكثر قدرة على مراعاة احتياجات الطفل، من خلال تحديدها بشكل صحيح والاستجابة لها بالشكل المناسب.
مصدر الصورة: Freepik
إليك بعض النصائح لتعزيز الرابطة الآمنة بينك وبين الطفل في هذا السياق:
برأيي الشخصي كمحرّرة، في حال كان طفلك يعيش حياة طبيعيّة أم يعاني من أي حالة خاصّة، كالتوحّد مثلًا، تكونين أنت دائمًا المُفضّلة لديه، بالرغم من انه لا يتمكن من التعبير عن حبه الا انه يكن لك حبًا لا مثيل له ويبحث عنك للشعور بالأمان. أنت مرآته الّتي يعكس عليها مخاوفه ويطمئنّ لوجوده أمامها ورؤية نفسه من خلالها. وأنصحك باتّباع النصائح الواردة أعلاه لتقوية الرابط الطبيعي بينك وبينه بما أنّ التواصل لا يتم فقط من خلال اللّغة.
تم نشر هذا المقال على موقع عائلتي
2024-06-30T21:14:10Z dg43tfdfdgfd